كتاب المسالك في شرح موطأ مالك (اسم الجزء: 2)

قال الإمام الحافظ: والوضوءُ للجُنُب قبل أنّ ينام، الّذي وقع عند علمائنا (¬1) هو على الاتِّباعِ والاستحسانِ، وليس من واجبات الأمور، والوضوءُ أحبّ إليهم لما في ذلك من الآثار.
تلفيق:
وأمّا وضوءُ الجُنُب قبل أنّ ينام، فقد وقع لمالك أنَّه قال: هو شيء ألزمه الخوف عليه.
قال أبو عبد الله المازَري (¬2):"اختلفَ علماؤنا في تعليله:
1 - فقيل لِيَبِيتَ على إحدى الطّهارتين خشية أنّ يموتَ في منامه. 2 - والمعنى الثّاني، قيل: بل العلّة فيه أنْ ينشط إلى الغسل إذا نال الماء أعضاءه، كما ذكره الأبهري (¬3). ويجري الخلافُ في وُضُوء الحائض قبل أنّ تنام على الخلاف في هذا التّعليل، فمن عَلَّلَهُ بالمَبِيتِ على إحدى الطّهارتين أجاب فيه: أنّها تتوضّأ".
وأمّا الوُضُوء قبل الأكل، فإنّ ذلك عندنا غسل اليد، ولعلّ ذلك لأذى أصابَهُ في يده.
نكتةٌ لغوية:
قال الهَروي في (¬4): يُسَمى الْجُنُبُ جُنُبَا؛ لأنّه نُهيَ أنّ يقرب مواضع الصّلاة ما لم يتطهَّر فيجتنبها. وأجنبَ عنها: إذا تباعد عنها.
وقال القُتْبِيّ (¬5): يُسَمَّى بذلك لمجانبته النَّاس وبعده منهم حتّى يغتسل، والجنابة: البُعْدُ.
قال الأزهري (¬6): يقال: جنب الرَّجُل وأجنب، من الجنابة.
وقال الزّجاج (¬7): "يقال: رَجُلٌ جُنُب، ورَجُلان جُنُبٌ، وقومٌ جنُبٌ، وامرأةٌ جُنبٌ،
¬__________
(¬1) منهم البوني في تفسير الموطَّأ: 11/ أ.
(¬2) في المعلم بفواند مسلم: 1/ 248.
(¬3) "كما ذكره الأبهري" زيادة من المؤلِّف على نصّ المازَري.
(¬4) في الغريبين.
(¬5) هو ابن قتيبة في غريب الحديث: 2/ 363.
(¬6) في تهذيب اللّغة: 11/ 117 - 118 بنحوه.
(¬7) في معاني القرآن وإعرابه: 2/ 154 - 155.

الصفحة 204