وفي الصّحيح أيضًا عن أبي هريرة (¬1)، وعبد الله بن عمرو (¬2)؛ أنّهما رَأَيَا أقدامًا تلوح أعقابهما فقالا (¬3): وَيلٌ للأعقابِ من النَّارِ.
القولُ الرّابع: قال: وفرضُ الرِّجْلَيْن الغسلُ، لا خلاف فيه بين أهل السُّنَّة ونَقَلَةِ الآثار.
وقال محمد بن جرير الطّبريّ: الفرضُ فيهما التّخيير بيِن الغسل والمسح (¬4)، وهذه وهلةٌ عظيمةٌ من الطّبريّ.
وقالت الإماميّة: الفرضُ فيهما المسح (¬5)، والّذي أوقعَ الإمامية في هذا نصب اللام، وقد قرئ بكسرها وفيها ثلاث قراءات: فرفع اللام نافع (¬6)، وخفضها غيره (¬7)، ونصبها أيضًا نافع (¬8) وغيره (¬9).
وقال القاضي أبو الوليد الباجي في كتاب "السّراج في ترتيب الحِجَاج" (¬10) والّذي أوقع المبتدعة في المسح: القراءة بالنّصب عطفًا على الأيدي، وهي قراءة نافع وابن عامر والكسائي وحَفْص (¬11) وعاصم، وذلك يقتضي الغسل، قالوا: وقد قرئ بالخفض والقراءة بالخفض تقتضي المسح، ولما تعارضت القراءتان كان التخيير بينهما أوْلَى من اطِّراح إحداهما.
¬__________
(¬1) رواه عنه مسلم (241) برقم فرعي (26) مرفوعًا.
(¬2) رواه عنه مسلم (241) برقم فرعي (29) مرفوعًا.
(¬3) الصواب كما في أحكام القرآن: 2/ 577 "النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - غسل وما مسح، وبأنّه رأى قومًا تلوحُ أعقابهم، فقال: ويلٌ ... ".
(¬4) انظر قول الطّبريّ في المنتقي للباجي: 1/ 39، وراجع تفسير الطّبريّ: 6/ 130.
(¬5) انظر مجمع البيان في تفسير القرآن للطبرسي: 3/ 255 - 259.
(¬6) ذكر المؤلِّف في الأحكام: 2/ 576 و 577 أنّ قراءة الرفع رواها عن نافع الوليد بن مسلم، وهي قراءة الأعمش والحسن.
(¬7) وهي قراءة ابن كثير وحمزة وأبو عمر، كما نصّ على ذلك ابن مجاهد في كتاب السبعة في القراءات: 242.
(¬8) نصّ عليه ابن مجاهد في كتاب السبعة: 242.
(¬9) منهم ابن نافع والكسائي، كما نص على ذلك ابن مجاهد في كتاب السبعة: 242، والقيسى في الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/ 406.
(¬10) لم يصل إلينا هذا الكتاب، وانظر المنتقي: 1/ 39 - 40 ففيه ما يقارب ما في السراج.
(¬11) انظر التعليقات السابقة.