كتاب المسالك في شرح موطأ مالك (اسم الجزء: 2)

مسألة (¬1):
قال ابنُ القاسم: فإن غَسل إحداهما بالأُخرى أجزأَه.
فإن قيل: كيف قال ابنُ القاسم هذا وقد رُوِيَ عن النَّبيِّ - صلّى الله عليه وسلم - أنّه كان إذا توضَّأَ يَدْلُكُ أصابعَ رِجلَيه بخِنصَرِهِ (¬2).
الجواب عنه - قال علماؤُنا (¬3): هو محمولٌ عندنا على الكمال والنّظافة.

حديث مالك (¬4)، عن يحيى بن محمد بن طَحْلاء، عن عثمان بن عبد الرّحمن؛ أنّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ؛ أنّه سَمِعَ عمرَ بن الخطابِ يتوضَّأُ بالماءِ وُضُوءًا لِمَا تحت إِزَارِهِ (¬5) الحديث.
قال الإمام الحافظ - رضي الله عنه -: الكلامُ في هذا الحديث في ثلاثة فصول: الفصل الأوّل في التّرجمة. الثّاني في الإسناد. الثالث في سرد المسائل.

الفصل الأوّل في الإسناد
قال الشّيخ أبو عمر (¬6): "يحيى هذا مَدَنِيٌ. ويحيى هذا قليل الحديث جدًّا. وأمّا عثمان فَمَدَنِيّ قُرَشِىُّ، وهو عثمان بن عبد الرحمن، يجتمعُ مع طلحة في عُبَيدِ الله".
¬__________
(¬1) هذه المسألة مقتبسة منْ الاستذكار: 1/ 180 (ط. القاهرة).
(¬2) أخرجه أحمد: 4/ 229، وأبو داود (446)، وابن ماجه (446)، والترمذي (40) وقال: "هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلّا من حديث ابن لَهِيعةَ"، والطبراني في الكبير: 20/ 306 (728) كلهم من حديث الْمُستورِد بن شدّاد الفِهْريّ. وانظر تلخيص الحبير: 1/ 105.
(¬3) المراد هو الإمام ابن عبد البرّ.
(¬4) في الموطَّأ (37) رواية يحيى. ورواه عن مالكٌ: محمد بن الحسن (10)، والزهري (47).
(¬5) يقول البوني في تفسير الموطَّأ: الورقة 3/ ب "أراد بذلك الاستنجاء بالماء، فكنى عن ذلك بغيره تأدّبًا، ومنه قوله عَزَّ وَجَلَّ: {أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ} [النساء: 43]، والغائط الموضع المطمئنّ من الأرض".
(¬6) في الاستذكار: 1/ 181 (ط. القاهرة).

الصفحة 32