كتاب المسالك في شرح موطأ مالك (اسم الجزء: 2)

الفصل الثاني في الترجمة
أدخل (¬1) مالكٌ - رحمه الله - هذا الحديث ردَّا على من قال عن عمر: إنّه كان لا يستنجي بالماء، وإنّما كان استجمارًا (¬2)، كان يستجمرُ هو والمهاجرون بالأحجار، وذكر قولَ ابن المسيَّب في الاستنجاء بالماء: إنّما ذلك وضوء النِّساءِ (¬3).
وقد اختلف العلماء من السَّلَفِ في الاستنجاء بالماء؟
فأمّا المهاجرون، فكانوا يستنجون بالأحجار دون الماء. وأنكر الاستنجاء بالماء جماعة، منهم: سعد بن أبي وقّاص، وحُذَيفة (¬4)، وابن الزّبير (¬5)، وسعيد بن المسيِّب، وقالوا: إنّما ذلك وضوء النِّساء. وكان الحسن لا يغتسل بالماء. وقال عطاء: غسل الدُّبُر محدَثٌ (¬6).
وكانت الأنصار يستنجون بالماء، وكان ابن عمر يرى الاستنجاء بالماء بَعْدَ أَنْ لم يكن يراه، وهو مذهب رافع بن خَدِيج (¬7).
ورُوِيَ عن حُذَيفَة وأنس أنّهما كانا يستنجيان بالحَوْضِ (¬8)، قالت عائشة: استنجَى رسولُ الله - صلّى الله عليه وسلم - بالماء، وقال: هو شفاءٌ من الباسور (¬9)، بالباء والنون.
¬__________
(¬1) هذه الفقرة مقتبسة من الاستذكار: 1/ 181 (ط. القاهرة).
(¬2) أي كان استنجاؤه استجمارًا.
(¬3) أخرجه مالك (70) رواية يحيى.
(¬4) رواه عنه ابن أبي شيبة (1635)، وابن المنذر في الأوسط: 1/ 346.
(¬5) رواه عنه ابن المنذر في الأوسط: 1/ 346.
(¬6) أورده ابن المنذر في الأوسط: 1/ 347.
(¬7) روى ابن أبي شيبة (1622) عن أبي النحاس قال: "صحبت رافع بن خديج في سفر فكان يستنجي بالماء.
(¬8) رواه عن أنس ابن أبو شيبة (1628).
(¬9) رواه أحمد: 6/ 93، 1/ 106، وانظر نصب الراية: 1/ 213.

الصفحة 33