كتاب المسالك في شرح موطأ مالك (اسم الجزء: 2)

الفصل الثّاني في الفوائد المنثورة في هذا الحديث
وهي ثلاث فوائد:
الفاندة الأولى (¬1):
قال الإمام الحافظ أبو بكر بن العربي - رضي الله عنه -: في هذا الحديث فوائد كثيرة أمّهاتُها ثلاثة:
1 - أحدُها: ما تقدَّم من أنّه رُوِيَ في بعضى الآثار ألفاظ: "فَلْيغسِل يَدَة قَبْلَ أنْ يُدْخِلَهَا في وَضُوئِهِ" بلفظ الأمر.
2 - ورُوِيَ: "فَلاَ يَغمِسْ يَدَة في الإنَاءِ حَتَّى يَغسِلَهَا ثَلاَثًا" (¬2) والأمرُ على الوجوب عندنا، والنّهيُ يقتضي الحَظرَ؛ لأنّا قد بَيّنا أنّه عَقَّبَ في آخر الحديث بما ردَّ الأمْرَ من الوجوب إلى الاستحباب، ورَدَّ النَّهيَ من الحَظرِ إلى الكراهةِ، وهو قولُه: "فَإِنَّ أَحَدَكُمْ لاَ يَدْرِي أَينَ بَاتَت يَدُهُ" (¬3).
فمن علمائنا من قال: هذا شكٌّ، والشّكُ لا يُوجِبُ حكمًا في الشّرعِ بإجماعٍ من علمائِنَا.
ومن علمائنا من قال: إنّ هذا ظاهرٌ، وإنّ الغالبَ من الإنسان أنّ تجول يدُه في نومه على جسده ومغابِنِه (¬4) ومنافِذِه، والأصلُ في اليد الطّهارة وهو الغالب، والطّاهر قد طرأَ عليه. فأنشا ذلك:
¬__________
(¬1) انظرها في القبس: 1/ 128.
(¬2) رواه مسلم (278).
(¬3) للتوسع في هذا الاستدلال، انظر عيون الأدلة لابن القصار: 9/ أ. ب.
(¬4) المغْبِن: هو بواطن الأفخاد.

الصفحة 39