وقد روى الترمذي (¬1)، وأبو داود (¬2)، عن أبي هريرة: "حَذفُ السَّلاَمِ سُنَّةٌ".
فإن قيل: ما معنى حَذف السّلام؟
قيل: هو الإسراع به.
وقيل: ألّا يكون أحد يسلِّم قبله.
وقيل: هو ألَّا يكون فيه "ورحمة الله"، فحُذِفَت منه "ورحمة الله".
ورُوِيَ عن النَّخَعِيّ (¬3) أنّه كان يقول: التكبير جَزْمٌ، والكلام حَذْمٌ بالحاء والذال المعجمة (¬4)، فإن كان بالجيم والزّاي فهو رَدٌّ على مَنْ يقوله بتحريك الذَّال والمِيم على قراءة ابن كَثبر في الوقف، وإن كان: السّلامُ حَذمٌ، كما قيل بالذّال المعجمة، فمعناه: سريع الحَذم، والحَذمُ في اللِّسان السُّرعة، ومنه قيل للأرنب حَذمَة (¬5)، وفي الحديث: "إذًا أَذَّنْتَ فَتَرسَّل وإذا أقَمْتَ فَاخذِمْ" (¬6) أي أسرع.
تكملة:
قيل: إنّ السّلام من أسمائه تعالى؛ لأنّه لا يلحقه (¬7) نقصٌ، ولا تدركه آفات الخَلْقِ، فهذا قلتَ: "السّلام عليكم"، فيحتمل: اللهُ عليكم رقيب. وإن أردت به: بيني وبينكم عَقْد السّلام ودوام النَّجاة (¬8)، فيحتمل أنّ يكون: أنتَ مِنِّي في أمَانٍ، كأنّ المُصَلِّي إذا فعل ما أُمِرَ به من أداء الفريضة، قد أَمِنَ من العذاب على تَرْكِها، والله أعلم.
العربية:
وقيل في معنى: "السّلام عليكم": هو مصدر سَلِمَ يَسْلَمُ سَلاَمَةً وسَلاَمًا، قاله ابن السِّكِّيت (¬9).
¬__________
(¬1) في جامعه الكبير (297) وقال: "هذا حديث حسنٌ صحيحٌ".
(¬2) في سننه (1004).
(¬3) أورده الترمذي في جامعه الكبير: 1/ 329، وانظر تلخيص الحبير: 1/ 225.
(¬4) ذكر المؤلِّف في العارضة أنّ هذا الضبط قَيَّدَهُ غيره.
(¬5) انظر غريب الحديث لأبي عُبَيْد: 3/ 245.
(¬6) أخرجه الدارقطني: 1/ 238، والعسكري في تصحيفات المحدثِّين: 2/ 107، والبيهقي: 1/ 428 من قول عمر بن الخطّاب، وانظر تلخيص الحبير: 1/ 200.
(¬7) م، غ: "فإنه لايلحقه".
(¬8) قاله في أحكام القرآن: 1/ 467 إلَّا أنّه قال: "وذمام" بدل "ودوام".
(¬9) لم نجده في الكتب المطوعة لابن السِّكيت، وانظر نحوه في إصلاح المنطق: 30، 292. وانظر كتاب =