كتاب المسالك في شرح موطأ مالك (اسم الجزء: 2)

وجمهورُ الفقهاء على ذلك من أصحاب مالكٌ والشّافعىّ وأبي حنيفة من غيرِ تَوْقيفٍ فيه، بل ذلك مطلقٌ (¬1). واختلفوا في حكم ذلك:
فحَكَى أبو الفَرَج عن مالكٌ التزامَ ذلك واعتقاده (¬2)، وهو قول الشّيخ أبي بكر الأبْهَرِيّ وابن القصَّار وأكثر المالكيّة، وقول أكثر أهل العراق وأكثر الشّافعيّة على ذلك (¬3).
القاعدة الثّانية (¬4): في (¬5) الكلام في عصمتهم (¬6) قبل النُّبوّة.
فمنعها الأكثر، ومنعوا من ذلك منعًا قويًا بأخبارٍ (¬7) يَطُولُ ذِكْرُها، وجوَّزَهَا آخَرون (¬8).
والَّذي نقول به -إنّ شاء الله (¬9) -: تنَزُّههم عن كلِّ عَيْبٍ، وعِصْمَتُهم عن كلٍّ ما يُوجِبُ الذَّنبَ (¬10). فكيف والمسالةُ تَصَوُّرَهَا كالمُمتَنِعِ، فإنَّ المعاصي والنَّواهي إنّما تكونُ بعد تَقَرُّرِ الشَّرعِ.
وقد اختلفَ العلماءُ في مُعْتَبَرِها في حقِّ نبيِّنا -عليه السّلام-:
فذهب القاضي أبو بكر بن الطَّيِّب سيفُ السُّنَّة ومُهتَدَى (¬11) فِرَقِ الأُمَّة إلى المنع من ذلك (¬12)، وأنّه كان معصومًا - صلّى الله عليه وسلم - قبل المبعث وبعد المبعث.
وذهبت طائفة إلى التَّوقُّفِ قبل المبعث.
القاعدةُ الثّالثة (¬13): في الكلامِ في السَّهْوِ والنِّسيَانِ والغَفَلاَتِ في حقِّه -عليه السّلامُ.
¬__________
(¬1) الّذي في الشِّفا: "من غير التزام قرينة، بل مطلقًا عند بعضهم".
(¬2) في الشِّفا: "إلتزام ذلك وُجُوبًا".
(¬3) الّذي في الشِّفا: "وقول أكثر أهل العراق وابن سُرَيْج والاصطخري وابن خيران من الشّافعيّة على أنّ ذلك نَدْبٌ".
(¬4) هذه القاعدة مقتبسة من الشِّفا للقاضي عياض: 2/ 219 باختصار.
(¬5) غ: "هي".
(¬6) جـ: "معصيتهم".
(¬7) م: "في أخبار".
(¬8) الّذي في الشِّفا: "فمنعها قوم، وجَوَّزها آخرون".
(¬9) في الشِّفا: "والصّحيح إنّ شاء الله".
(¬10) في الشِّفا: "الرّيب" وهي سديدة.
(¬11) في الشِّفا: "ومُقْتَدَى" وهي سديدة.
(¬12) غ، جـ: "المنع بذلك".
(¬13) هذه القاعدة مقتبسةٌ من الشِّفا للقاضي عياض: 2/ 224 - 226 بتصرف واختصار.

الصفحة 411