كتاب المسالك في شرح موطأ مالك (اسم الجزء: 2)

فضيلة (¬1) لا يسجد فيها (¬2).
المسألة الثّانية:
قال مالكٌ وابنُ القاسم: إنّ مَنْ سلَّم من اثنتين، وفعل (¬3) كما فعل النَّبىِّ - صلّى الله عليه وسلم - يوم ذِي اليَدَينِ، تَمَّتْ صلاتُه.
وقال ابن كنانة ووافَقَهُ أبو حنيفة: إنّه لا يصحّ ذلك؛ لأنّ زمان الرّسول عليه السّلام يصحّ فيه النَّسخ بخلاف هذا الزّمان.
وقال داود: لا يجوز هذا اليوم إلَّا فيمن سَلَّم من ركعتين (¬4)، فقاس على هذه الصّلاة مع إنكاره القياس.
ووجه قول ابن كنانة في أنّه لا يجوز إلَّا في ذلك الزّمن: أنّ هذا إنّما كان بعد أنّ جاء مشركو قريش أو العرب فسلَّمُوا عليه وهو في الصّلاة، فلم يردّ حتّى سَلَّمَ، وقال: "إنّ اللهَ يُحْدثُ مِن أمْرِهِ ما شَاءَ" (¬5) يريد: أنّ الله قد حرَّمَ علينا الكلام في الصّلاة، وكانت قصّة ذي اليدين في الصّلاة بعد ذلك.
ووجه قول ابن القاسم: أنّ النّبيَّ - صلّى الله عليه وسلم - فَعَلَ ذلك وجرى حكمه، فمن ادَّعى غيره فعليه الدّليل.
المسألة الثّالثة (¬6):
اتّفق العلماء أنّها كانت صلاة رُبَاعيّة، واختلفوا في تعيينها، فالصّحيحُ أنّها العصر، وكانت في المسجد، وذلك يقتضي الحَضر. فقال له ذو اليدين -واسمه الخرباق-: "أَقَصَرْتَ الصَّلاةَ أَمْ نَسِيتَ؟ " إنكارًا لفعله، مع أنَّه يشرِّعُ الشَّرائع وعنه تُؤْخَذُ، إلَّا أنَّه جَوَّزَ عليه النِّسيانَ لقوله: "أَوْ نَسِيتَ" وجوَّزَ أنّ يكون حَدَثَ فيها تقصيرٌ، فطُلِبَ منه بيان ذلك، فقال النَّبِيُّ - صلّى الله عليه وسلم -: "أَصَدَقَ ذُو اليَدَينِ" فرجع إلى اليقين.
¬__________
(¬1) جـ: "هبة"
(¬2) قوله: "وإن كانت ... إلخ " ساقطة من: م.
(¬3) م: "وبعدُ".
(¬4) انظر رسالة في مسائل الإمام داود للشطّي: 11.
(¬5) أخرجه عبد الرزاق (3594)، والحميدي (94)، أحمد: 1/ 435، وأبو داود (924)، والنّسائي في الكبرى (559)، وأبو يعلى (5189)، وابن حبّان (3223)، والطبراني في الكبير (10123)، والبيهقي في سننه: 1/ 199.
(¬6) هذه المسألة مقتبسة بتصرُّف من المنتقى: 1/ 172 - 173.

الصفحة 414