العربية: (¬1)
قولُه: "وائْتُؤنِي بِأنْبِجَانِيَّة" هكذا في حديث الزُّهري (¬2) بالتَّذْكير، وهو كِسَاء صوف، فإنّ أردتَ الكِسَاء ذكّرت، وإن أردتَ الخَمِيصَة أنَّثت. ويقالُ بفتح الباء وبكسرها، ويقال في كلِّ ما التَفَّ وكَثُفَ، يقال: شاةٌ أنْبَجَانِيّة، إذا كان صوفُها كثيرًا مُلْتَفًا.
والخميصة كِسَاءُ صوفِ رقيقٍ يكون بعَلَمٍ، وقد يكون بغَيْرِ عَلَمٍ. والخَمَائصُ لباس الأَشْرافِ في أرض العَرَبِ، وقد يكون العَلَمُ فيها أحمر، وقد يكون أصفر وأخضر (¬3).
وأمّا الأَنبِجَانيُّ: فكساءُ صُوفٍ غليظٍ لا عَلَمَ فيه.
وقال ابنُ قُتَيبَةَ (¬4): "إنّما هو كِسَاء مَنْبَجَانِيّ. ولا يقال: أَنبِجَاني؛ لأنّه منسوبٌ إلى مَنْبِج (¬5)، وفُتِحَتْ باؤه في النَّسَبِ؛ لأنّه خَرَجَ مَخْرَجَ مَنْظَرَانىّ ومَخْبَرَانيّ (¬6) ".
وقال غيره: جائزٌ أنّ يقال أنْبِجَانيّ كما هو في الحديث.
وقال ثعلب: إنبِجَانِيّة بفتح الباء وكسرها كما تقدّم.
الفوائد المتعلّقة بهذا الحديث:
وهي ست فوائد:
الفائدة الأولى (¬7):
في هذا الحديث من الفقه: قَبُول الهديّة، وكان رسولُ الله - صلّى الله عليه وسلم - يقبل الهديَّةَ ويأكلها, ولا يقبلُ الصَّدقةَ. والهديةُ من أفعال المسلمين الكُرَمَاء والصَّالحين الفُضَلاء، واستحبَّهَا العلماءُ ما لم يُسْلَكْ بها طريق الرّشْوَة لدفْعِ حقِّ أو تحقيقِ باطلِ.
¬__________
(¬1) كلامه في العربية مقتبسٌ من الاستذكار: 2/ 256 - 257 (ط. القاهرة).
(¬2) أخرجه بهذا اللفظ من طريق الزهري ابن خزيمة (928).
من هنا إلى آخر الفقرة مقتبس من المنتقى: 1/ 180.
(¬3) انظر غريب الحديث لأبي عُبيد: 1/ 226، وشرح مشكلات موطَّأ مالكٌ: 79، والتّعليق على الموطَّأ
للوقشي: 1/ 143.
(¬4) في أدب الكاتب: 417، وانظر شرحه المسمَّى بالاقتضاب للبطليوسي: 2/ 232.
(¬5) انظر عن هذه المدينة: معجم ما استعجم: 4/ 1265، والروض المعطار: 547.
(¬6) في النّسخ: "منظر ومخبر" والمثبت من أدب الكاتب والاستذكار.
(¬7) هذه الفائدة مقتبسة من الاستذكار: 1/ 257 (ط. القاهرة).