كتاب المسالك في شرح موطأ مالك (اسم الجزء: 2)

وقوله: "قَدْ ذُلِّلَت" يريد بالثَّمَرِ (¬1). ويقالُ: تَبَرَّزَتْ للخُرْصِ وظَهَرَتْ. والأظهرُ أنّ الثَّمَرَةَ إذا عَظُمَت وبَلَغَت حدَّ النَّضْج ثَقُلَت فمالت بعراجينها، وهو من قوله تعالى: {وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلًا} (¬2).
الفقه (¬3):
قوله: "هِيَ صَدَقَةٌ" هذه اللّفظة تقتضي البِرَّ وإن لم يقل صدقة لله، وذلك أَنَّ من تصدَّقَ (¬4) على ابنه لم يكن له اعتصار صدقته، بخلاف الهبة فإنّ له اعتصارها حتّى يقول: هبة لله. وتفارقُ الصّدقة الهِبَة في مواضع (¬5)، وذلك إذا قال: "صدقة" ولم يبيِّن المتصدِّق عليه، كَمُلَتِ الصَّدَقة ولم تفتقر إلى ذِكْرِ المصدَّق عليه، والهِبَةُ تفتقرُ إلى ذِكْر الموهوبِ له.
وقال عبد الملك: في الحديث دليلٌ على مَنْ تصدَّق بشيءٍ مُعَيَّنِ وإن كان أكثر من الثُّلُثِ فإنّه يلزَمه، وليس ذلك بِبيِّنِ؛ لأنّه ليس في الحديث (¬6) أنّ ما أخرجه كان أكثر من ثُلُثِ مَالِه، وما عرفنا ذلك، وليس في الحديث ما يدلُّ على أنّه يلزمه ذلك ويحكم عليه به مع (¬7) امتناعه منه.

العَمَلُ فِي السَّهْوِ
قال الإمام الحافظ (¬8): لم يذكر في هذا الحديث (¬9) ما يعمل عند شكّه (¬10) في صلاته من البناء على يقينه، أوغير ذلك.
¬__________
(¬1) انظر مشكلات موطَّأ مالكٌ: 80.
(¬2) الإنسان: 14.
(¬3) كلامه في الفقه مقتبس من المنتقى: 1/ 181 - 182.
(¬4) في المنتقى: "ولذلك مَنْ تصدَّق" وهي أسدّ.
(¬5) في المنتقى: "في موضع آخر".
(¬6) في المننقى: "الحديث ما يدلُّ".
(¬7) في النّسخ: (عليه برفع) والمثبت من المنتقى.
(¬8) الكلام التالي مقتبسٌ من المنتقى: 1/ 182 بتصرّف.
(¬9) أي حديث الموطَّأ (263) روايِة يحيى، ونَصُّهُ: "عن أبي هريرة؛ أنّ رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - قال: إنّ أحدكم إذا قام يُصَلِّي، جاءهُ الشيطانُ، فَلبَسَ عليه، حتّى لا يَدري كم صلَّى، فإذا وَجَدَ أحَدُكُم، فليَسْجُد سَجْدَتَين وهو جالسٌ".
(¬10) في النّسخ: "الحديث غير من شك" والمثبت من المنتقى.

الصفحة 422