كتاب المسالك في شرح موطأ مالك (اسم الجزء: 2)

وقد رُوِيَ رفع اليدين عن جماعةٍ كبيرةٍ (¬1) من العلماء.
العربية (¬2):
قال الإمام: الكرَاعُ فيه كلامٌ. وأصله؛ أنّ الكرَاعَ هي القوائم، وكأنّه عَبَّرَ به عن ذوات الأربع. وتحقيقه: أنّ الكُرَاعَ من الإنسان ما دُونَ الرُّكْبَة، ومن الدُّوابَّ الكَعْب، وهو الوَظِيفُ (¬3)، والكُرَاعُ أيضًا السِّلاَحُ، وفيه كلامٌ كثير، يأتي بيانُه في "كتاب الاستسقاء" إنّ شاء الله.
وقد توقَّفَ مالكٌ في رفع اليَدَيْن فقال: إنّ كان الرَّفْعُ فهكذا، وجعل بطونهما ممّا يلي الأرض وظهورهما ممّا يلي السّماء، كأنه فعل راهبٍ خائفٍ، وغيرُه يجعل بطونَهُما ممّا يلي السّماء فعل الطَّالِبِ إذا طَلَبَ.
المسألة السّابعة (¬4):
الخُطْبَةُ على المِنْبَر سُنَّةٌ ماضيةٌ؛ رُوِيَ عن ابن عمر؛ أنّ النّبيَّ - صلّى الله عليه وسلم - كان يخطُبُ إلى جِذْعٍ، فلما اتَّخذَ النّبيُّ - صلّى الله عليه وسلم - مِنْبَرًا حَنَّ الجِذْعُ، حتَّى أتَاهُ فالْتَزَمَهُ، فَسَكَنَ (¬5).
حديث حسن صحيحٌ (¬6).
وخرَّجَ البخاريُّ (¬7) عن سَهْل بن سَعْد؛ أنّ النّبيَّ -عليه السّلام- كان يَخطُبُ عَلَى جِذْعٍ، ثم أنّه أرسل إلى امرأةٍ أَنْ مُرِي غُلَامَكِ النَّجَّارَ يَعْمَلُ لِي أَعْوَادًا أَجْلِسُ عَلَيْهَا إِذَا كَلَّمْتُ النَّاسَ.
قال الإمام الحافظ: قد بَيَّنَا في "كتب الأصول" و"أنوار الفجر" أنَّ للنَّبىِّ - صلّى الله عليه وسلم - أَلْفَ مُعْجِزة، جمعناها، وهي علي قسمين: منها ما هي في القرآن وهو تواتر (¬8)، ومنها نقل آحاد، ومجموعها خَرْقُ العادةِ على يَدَيْه، وعلى وجهٍ لا ينبغي إلَّا لنَبِيِّ
¬__________
(¬1) جـ: "كثيرة".
(¬2) انظرها في العارضة: 2/ 304.
(¬3) في النّسخ "الظَّلفُ"والمثبت من العارضة.
(¬4) انظرها في العارضة: 2/ 293.
(¬5) أخرجه بهذا اللفظ الترمذي (505)، وهو في البخاريّ (3583).
(¬6) الّذي في الجامع الكبير: "حديث ابن عمر حديثٌ حسنٌ غريبٌ صحيحٌ ".
(¬7) في صحيحه (2094) وفي مواضع أخرى.
(¬8) في النسخ: "ومنها تواتر" والمثبت من العارضة.

الصفحة 455