كتاب المسالك في شرح موطأ مالك (اسم الجزء: 2)

فيها. وهذه مسألة عظيمة الموقع (¬1).
الصّورة العاشرة:
إذا اشتَبَةَ عليه إناءُ ماءٍ وإناءُ بولٍ، وتُتصوَّرُ هذه المسألةُ في إناء فيه ماءٌ تغيَّرَ بطُولِ المُكثِ حتَّى أنتنَ، ثم اشتبه بعد ذلك بإناءِ بولٍ، فقال الشّافعيُّ (¬2) وأبو حنيفة: لا يتحرَّى فيهما ويترُكهما، وقال أبو زيد المالقي (¬3) من أصحاب الشّافعيّ: يتحرّى فيهما (¬4)، وهو الّذي تقتضيه أصولنا، وبه أقول.
تتميم:
ذكر مالكٌ - رضي الله عنه - وترجم له (¬5): "باب وضوء النّائم" يريد: أنّ النّوم يُوجبُ الوضوء، واختلف هل هو حَدَثٌ، أو سبب للحَدَثِ؟
فعند الْمُزَنىِّ وأبي الْفَرَج: إنّه حدَثٌ في نفسه، وهي قَوْلَةٌ ضعيفةٌ، لما رواه مسلم (¬6) عن أنس قال: "كان أصحابُ رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - ينامون ثم يصلُّونَ ولا يتوضَّؤونَ" والأحاديث في ذلك مشهورةٌ. وإذا ثبت هذا، فللنّائم إحْدَى عَشرةَ حالة (¬7): قائمٌ، ومَاشٍ، وراكبٌ، ومستنِدٌ، وراكعٌ، وساجدٌ، وجالسٌ، ومُحْتَبٍ، ومضطجعٌ، ومستَنِدٌ قائمٌ، ومستنِدٌ جالسٌ (¬8)، فهذه إحدَى عشرةَ حالةَ للنّائم، والضّابطُ للمذهب فيها؛ أنّ مَنِ استثقلَ نومًا فعليه الوُضوءُ، وإذا كانت السِّنَةُ والخَفْقَةُ، فلا وُضوء عليه.
¬__________
(¬1) زاد المؤلِّف في القبس: 1/ 135:" ... مستمدَّةٌ من بحر تصويب المجتهدين وتخطئتهم".
(¬2) في الأمّ: 1/ 48.
(¬3) ذكره (الشاشي) في حلية العلماء: 1/ 89، وهذا الكتاب من مرويات ابن العربي الّتي جلبها معه في رحلته
(¬4) انظر الحاوي الكبير: 1/ 344 - 349.
(¬5) في الموطَّأ: 1/ 54 الباب رقم: 10 من كتاب الصّلاة.
(¬6) الحديث (376).
(¬7) انظر هذه الحالات في العارضة: 1/ 106 - 107.
(¬8) انظر الإشراف: 1/ 143 - 145.

الصفحة 46