وقال أبو حنيفةَ: من نام قائمًا أو راكعًا أو ساجدًا فلا وضوءَ عليه (¬1)، ونحوُه لابن حبيب، إلَّا في السّجودِ (¬2)، واحتجّ بما رُوِيَ (¬3) عن النَّبيِّ - صلّى الله عليه وسلم -؛ أنّه قال: "ليس الوضوءُ على من نام قائمًا أو راكعًا أو ساجدًا أو جالسًا، إنّما الوضوءُ على من نام مضطجعًا؛ لأنّه إذا نام مضطجعًا استرخت مفاصله" (¬4).
قال الإمام الحافظ أبو بكر بن العربي: هذا حديثٌ ضعيفٌ منكَرٌ (¬5)، يرويه أبو خالد الدَّالانيّ، عن قتادة، عن أبي العالية، وهو باطلٌ ومنقطعٌ لضَغفِه (¬6).
وتعلّقوا أيضًا بما رُوِيَ عن النَّبيِّ - صلّى الله عليه وسلم -؛ أنّه قال: "إذا نام العبدُ في سجوده بَاهَى اللهُ به الملائكة، يقول: يا ملائكتي انظروا إلى عبدي روحُة عندي وبدنُه في طاعتي" (¬7) وهو أيضًا ضعيفٌ لا أصلَ له (¬8)، على أنّه يحتمِلُ أنّ يكونَ الله سبحانه أَبْقَى عليه الأجرَ بعدَ
¬__________
(¬1) انظر مختصر الطحاوي: 18، والمبسوط: 1/ 78.
(¬2) وعبارة ابن حبيب في الواضحة: 192 - 193 هي: "فأمّا من نام جالسًا غير ساندٍ، أو نام قائمًا في صلاته، أو راكعًا، أو نائمًا راكبًا، فلا وضوء عليه؛ لأنّ نوم الجالس غير السّاند ونوم القائم الراكع والراكب لا يثبت به صاحبه، فإنّما هو خافق ومنتبه وليس بمستثقل، ولا يكون منه ما يخشى إلَّا أحَسَّهُ، فلذلك سقط الوضوء عنه".
(¬3) الّذي رواه ابن حبيب في الواضحة: 193 أنّه قال: "حدَّثني هارون الطّلحي، عن يحيى بن يزيد النوفلي، عن مدرك بن قرعة [كذا]؛ أنّ رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - قال: لا وضوء على من نام جالسًا".
(¬4) أخرجه ابن أبي شيبة (1397)، وأحمد: 1/ 256، وعبد بن حميد (659)، وأبو داود (202)، والترمذي (77)، وأبو يعلى (2487، 2610)، والطبراني في الكبير (12748)، وابن عدي في الكامل: 7/ 277، والدارقطني: 1/ 159، والبيهقي: 1/ 121.
(¬5) عزا المؤلِّف هذا القول في العارضة: 1/ 105 إلى إبراهيم الحربي.
(¬6) ذكر المؤلِّف في الأحكام: 2/ 260 أنّه حديث باطل، وانظر المحلّى لابن حزم: 1/ 226، وتلخيص الحبر: 1/ 119، والدراية: 1/ 33، ونصب الراية: 1/ 44.
(¬7) رواه تمّام الرازي في فوائده (1670) من حديث أنس، وذكر ابن حجر في تلخيص الحبير: 1/ 120 أنّ البيهقي رواه في الخلافيات، وفيه داود بن الزبرقان وهو ضعيف.
كلما رواه ابن المبارك في الزهد (1213) من حديث المبارك بن فضالة، ومن طريق ابن المبارك أخرجه المروزي في تعظيم قدر الصّلاة (298).
كلما أخرجه ابن شاهين في الناسخ والمنسوخ: 190 من طريق المبارك بن فضالة عن الحسن عن أبي هريرة. يقول ابن الملقن في خلاصة البدر المنير (138): "رواه ... الدارقطني في علله من رواية الحسن عن أبي هريرة، وقال: لا يثبت سماع الحسن من أبي هريرة".
(¬8) يقول ابن حجر في التلخيص: 1/ 120 "أنكر جماعة منهم القاضي ابن العربي وجوده". وذكر المؤلِّف في العارضة: 1/ 107 أنّه سمعه في الدرس [الغالب أنّه في بغداد] وطلبه ممن سمعه فلم يجده.