كتاب المسالك في شرح موطأ مالك (اسم الجزء: 2)

في الشّريعة بِعلَّةِ، وُجدَ بوُجُودِهَا وعُدِمَ بعَدَمِها، ما لم تثر العِلَّةُ نصًّا (¬1) مطلقًا، فإن أثارتِ العلّةُ نصًّا (1) مَطلقًا، تعلَّقَ الحُكمُ به ولا يُنْظَر إلى العلَّةِ وُجِدَت أو عُدِمَتْ، مثالُه: ما رُوِيَ عن النّبيِّ - صلّى الله عليه وسلم -؛ أنّه سَعَى في الطَّوَافِ لإظهارِ الجَلَدِ للمُشْرِكينَ (¬2)، وقد زالتِ العلّةُ، ولكن بَقِيَ قولُه لأصحابه: "اسْعَوْا" (¬3). وسَعْيُه - صلّى الله عليه وسلم - في حَجَّةِ الوَدَاع (¬4)، والعلّة قد زالت، فتعلَّقَ الحُكم بذلك، وسقَطَ اعتبارُ العِلَّةِ.
تقدير (¬5):
ليس لصلاةِ رمضانَ ولا لغيرها تقديرٌ، إنّما التَّقديرُ للفرائض، وإنَّما هو قيامُ اللّيل كلّه إلى طلوعِ الفجر لمن استطاع، أو بعضه، على قَدْرِ ما تنتهي إليه قُدْرَتُه.
ومن (¬6) النّاس من يصلِّي في القيام تسعًا وثلاثينَ ركعة، يختصّ الإمام باثني عَشْرَةَ ركعةً (¬7). والقديرُ: اثنا عشر ركعة، أو سبع عشرة ركعة (¬8)، حسبما رُوِيَ عن النَّبيِّ - صلّى الله عليه وسلم - في قيام اللّيل، وحَسَبَ عدد ركعاتِ الصّلواتِ في الفريضة في العَدَدِ الآخر منها، فأمّا غير ذلك من الأعداد فلا يتحصَّل في تقديرِ، ولا ينتظم (¬9) بدليلٍ (¬10)، والله أعلمُ.
الفقه في عشر مسائل:
المسألة الأولى (¬11): قوله (¬12): "فَإِذَا النَّاسُ أَوْزَاعٌ يُصَلُّونَ" يعني جماعاتٍ في
¬__________
(¬1) في القبس: "لفظًا" وفي القبس (ط. الأزهري: 1/ 267) وطبعة (هجر) "نطقًا".
(¬2) أخرجه البخاريّ (4256)، ومسلم (1266) من حديث ابن عبّاس.
(¬3) أخرجه أحمد: 6/ 421 من حديث برّة.
(¬4) أخرجه مسلم (1218) من حديث جابر.
(¬5) انظره في القبس: 1/ 284.
(¬6) في الأسطر الأولى من هذه الفقرة اضطراب نرجِّح أنّ يكون من فعل النُّسَّاخ.
(¬7) في النُّسَخ: "باثنين" والمثبت من القبس.
(¬8) الّذي في القبس: "والتقدير الشرعي: ثلاث كعدد الوتر، أو إحدى عشرة ركعة، أو ثلاث عشرة ركعة، أو خمس عشرة ركعة".
(¬9) في النُّسَخ: "انتظام" والمثبت من القبس.
(¬10) يقول المَؤلف في العارضة: 4/ 18 "والصّحيحُ أنّ يصَلِّى إحدى عشر ركعة صلاة النّبيِّ -عليه السّلام- وقيامه. فأمّا غير ذلك من الأعداد فلا أَصْلَ له، ولا حدَّ فيه، فهذا لم يكن بدّ من الحدِّ، فما كان النّبيُّ يصلِّي، ما زادَ النّبيُّ -عليه السّلام- في رمضان ولا في غيره على إحدى عشر ركعة، وهذه الصّلاة هي قيام اللّيل، فوَجَبَ أنّ يُقْتَدَى فيها بالنّبيِّ -عليه السّلام-".
(¬11) هذه المسألة مقتبسة من المنتقى: 1/ 207.
(¬12) أي قول عبد الرّحمن بن عبد القاري في الموطَّأ (301) رواية يحيى.

الصفحة 478