بن يزيد، وكانت عائشة تحبُّه لفَضلِهِ ودِيِنهِ (¬1).
تنبيه.
قال الإمام: وقوله: "إلَّا كَتَبَ اللهُ لَهُ أَجرَ صَلاَتِهِ" مطابقٌ لقوله -عليه السّلام-: "مَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ فَلَم يَعْمَلهَا كُتِبَتْ لَهُ حَسَنَةٍ" (¬2).
وكقوله: "الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَلِكُلِّ امرِىءٍ مَا نَوَى" (¬3).
التّرجمة (¬4) - قوله (¬5): "صَلَاةُ اللَّيلِ"
اعلم أنّ الله سبحانه لو شاء لسوَّى بين الأزمنة والأمكنة في الفَضل، ولكنّه بِبَالِغِ حِكمَتِه، وواسع رَحْمَتِه، جعلَ لبعضِهَا مزيدًا (¬6) على بعض في الأجرِ، وخصَّ كلَّ واحدٍ منها بعملٍ من الطّاعة، وإلى هذه الإشارة من قول الصِّدِّيق (¬7) - رضي الله عنه -: "إِن لله عَمَلًا بِاللَّيلِ لاَ يقبَلُهُ بِالنَّهارِ، وَعَمَلًا بِالنَّهَارِ لاَ يَقبَلُهُ بِاللَّيلِ" (¬8) فالأوّلُ كالمغرب، والعشاء، والصّبح، والوقوف بعرفة، والمبيت بالمزدلفة، وليالي منًى، والثّاني كالظُّهرِ، والعصرِ، والصّومِ.
معلمة (¬9):
قال الإمام الحافظ: اعلم أنَّ اللَّيلَ خَلْقٌ من خَلْقِ الله عظيم، جعَلَهُ تعالى سَكَنًا ولِبَاسًا، كما جعل النَّهار سِرَاجًا (¬10) وضِيَاءً ومَعَاشًا, ولكلِّ واحدٍ منهما حظّه، وخصَّ اللهُ اللّيلَ بأن جعلَهُ موضعًا لإجابةِ الدُّعاءِ، وقال - صلّى الله عليه وسلم -: "جَوْفُ اللَّيل أَسْمَعُ" (¬11)، فأضافَ السَّماعَ إليه وهو القَبُولُ، كما تقول العرب: ليلٌ نامٌ، وسيأتي الكلام عليه
¬__________
(¬1) انظر الاستذكار: 5/ 183 - 184 وكتاب الإيماء للداني: 4/ 106.
(¬2) أخرجه مسلم (130) من حديث أبو هريرة.
(¬3) أخرجه البخاريّ (1) من حديث عمر.
(¬4) انظرها في القبس: 1/ 285.
(¬5) أي قول مالكٌ في ترجمة الباب من الموطَّأ: 1/ 173 رواية يحيى.
(¬6) في القبس: "مزيّةً" وهي أسدّ.
(¬7) في القبس: "وإلى هذا أشار الصدّيق" وهي أسدّ.
(¬8) أخرجه ابن أبي شيبة (37056)، والخلال في السُّنَّة (337)، وأبو نعيم في الحلية: 1/ 36.
(¬9) انظرها في القبس: 1/ 285 - 286.
(¬10) في القبس: "مسرحًا".
(¬11) لم نجده بهذا اللفظ، ولعل المؤلِّف رواه بالمعنى، وانظر الجامع الكبير، للترمذي (3579).