السادسة:
قوله - صلّى الله عليه وسلم -: "مَنْ قَامَ إِلَى حِزْبِهِ وَامرَأَتُهُ نَائِمَةٌ، فلينضح وَجْهَهَا بالماءِ لينبِّهَهَا" (¬1) قيل: إنّ ذلك على النَّدْبِ لا على الوجوب.
خاتمة (¬2):
قولها (¬3): "وَالبُيُوتُ لَيْسَ فِيهَا مَصَابِيحُ" فيه التَّزَهُّد في الدُّنيا وأخذ البُلْغَةِ (¬4) منها، وترك الاتِّساع في البُنْيَانِ.
وفيه: أنّ الصّلاةَ في الظَّلامِ مأمورٌ بها, لتكون له نورًا يوم القيامة، ولقوله: "أَطْفِئُوا المَصَابِيحَ" (¬5).
حديث: قوله -عليه السّلام-: "إِذَا نَعَسَ أَحَدُكُم في صَلاَتِهِ، فَلْيَرْقُد، فَإِنَّهُ لَا يَدرِي لَعَلَّهُ يَسْتَغْفِرُ اللهَ فيَسُبّ نَفْسَهُ" (¬6).
قال علماؤنا: فيه دليلٌ على أنّ العِلْمَ شرطٌ في صحَّة الصّلاة، وهذا المعنى موجودٌ في القرآن، قوله تعالى: {لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى} الآية (¬7) فالعلمُ شرطٌ في صحَّة الصّلاة، وقد قال جماعة من المفسِّرين معنى سكارى من النّوم (¬8).
وإذا (¬9) قلنا بالعموم، فنحملُهُ على سُكْرِ النَّوْمِ وغيره، وهو عامٌ في كلِّ صلاة، والنوم أخصَّ به، ولذلك أدخله مالكٌ في صلاة اللّيل، وقد وافقه على ذلك جماعة
¬__________
(¬1) أخرجه بنحِوه عد الرزّاق (4738) عن الثّوريّ، عن ابن المنكدر، قال: حدثني من سمع أبا هريرة - لا أراه إلَّا رَفعَهُ- يقول: "إذا قام أحدكم من اللّيل فليوتظ أهله، فإن لم يستيقظ فلينضح وجهها بالماء" وأخرجه أيضًا الدارقطني في العلل: 9/ 13.
(¬2) هذه الخاتمة مقتبسة من تفسير الموطَّأ للقنازعي: لوحة 22.
(¬3) في النُّسَخ: "قوله" ولعلّ الصواب ما أثبتناه.
(¬4) أي ما يكَفي لسَدِّ الحاجة.
(¬5) أخرجه البخاريّ (6296) من حديث جابر.
(¬6) أخرجه مالكٌ في الموطَّأ (309) رواية يحيى.
(¬7) النِّساء: 43.
(¬8) يقول المؤلِّف في الأحكام: 1/ 434 "وقد اتّفق العلماء عن بَكْرَةِ أبيهم على أنّ المراد بهذا السّكرِ سكرُ الخمر، وأنّ ذلك إبَّانَ كانت الخمرُ حلالًا، خلا الضّحّاك فإنّه قال: معناه سكارى من النوم، فإن كان أراد أنّ النّهي عن سكر الخمر نهيٌ عن سكر النوم فقد أصابَ، ولا معنى له سواه، ويكون من باب: لا يقضي القاضي وهو غضبان".
(¬9) الفقرة التالية مقتبسة من المنتقى: 1/ 212 بتصرُّفِ.