كتاب المسالك في شرح موطأ مالك (اسم الجزء: 2)

وبدن" (¬1). يقال بَدَنَ وبَدُن بفتح الدّال وضمّها، أي كَثُرَ لَحْمُه، وأنكره أبو عُبَيْد (¬2). وله معان كثيرة في غير هذا الموضع (¬3).
المسألة الثّالثة (¬4):
وهي أنّ الوِتْرَ لا يكون إلَّا عَقِبَ شَفْعٍ، وأقلّه ركعتان، قالَهُ ابن حبيب عن مالكٌ، وهو المشهور من المذهب (¬5)، وقال سحنون في "كتاب ابنه" عن مالكٌ: إنّ المسافر يُوترُ بركعةٍ واحدةٍ، وقد أَوْتَرَ سحنون في مَرَضِهِ بركعة واحدة، وذلك يدلُّ على تخفيف ذلك على أهل الأعذار، وأنّ الشَّفْعَ ليس بشَرْطٍ في صِحَّتِهِ (¬6).
المسألة الرّابعة: في ذكر المسنون والمفروض من الصّلاة
قال الإمام الحافظ - رضي الله عنه -: فرضَ اللهُ من الصلوات نوعًا واحدًا، وهي الخُمسُ. واختلفَ العلماءَ فيما شرع:
فقال أبو حنيفة: شرع أربعة أنواع فَرْضًا، وسنَّةً واجبةً، وسنةٌ غير واجبةٍ، ونفْلًا.
وقال أشياخنا: شَرَعَ أربعًا: فَرْضًا، رَغِيبَةً، سُنَّةً، ونَفْلًا.
قال الإمام: وهذه اصطلاحات منهم لم تجىء على لسان الشَّرع إلَّا بعضها، فلا ينبني عليها حُكْمٌ.
وقال أبو حنيفة: الفَرْضُ ما ثبتَ في كتاب الله، والواجبُ ما ثبت بسنَّتِهِ وسنّة رسوله (¬7)، كالوِترِ.
وقلنا: الفَرْضُ: ما ورد الذَّمُ بِتَرْكِهِ. والسُّنة: ما فَعَلَهُ رسول الله صلّى الله عليه في جماعةٍ. والنَّفْلُ: ما وعد بالثّواب على فعله. والرَّغَائب: ما أكّد الثّناء عليها وخصّها بالذِّكْر.
¬__________
(¬1) أخرجه ابن أبي شيبة (6820).
(¬2) في غريب الحديث: 1/ 152 - 153.
(¬3) انظر تصحيفات المحدثين للخطابي: 182 - 183.
(¬4) هذه المسألة مقتبسة من المنتقى: 1/ 214.
(¬5) انظر التلقين: 38.
(¬6) أي صحّة الوتر.
(¬7) جـ:"رسول الله".

الصفحة 495