وأمّا الفرائض فخمسٌ. وسَنَّ أيضًا رسولُ الله صلّى الله عليه خَمْسًا: الوِتْر، والخسوف، والاستسقاء، والفطر، والأضحى، وما سوى ذلك نافلة، إلّا ركعتي الفجر فهي من الرَّغائب. ومِنْ أَوْجَبِ النّوافل وأَعْظَمِها ما رُوِيَ في الحديث الحسن؛ أنَّ رسول الله صلّى الله عليه قال: "إنَّ اللهَ أَمَرَكُم بِصَلاَةِ هي خَيرٌ لكم من حُمْرِ النَّعَمِ، وهي ما بين صلاة العشاء وطُلُوع الفَجْرِ، الوِتْرُ الوِتْرُ" (¬1). وقال:" لا تدعوا رَكْعتي الفجر وإن كانت الخَيْلِ مُغِيَرة في أَثَركِمْ، فإنّ فيها الرَّغائب والخير كلّه" (¬2).
المسألة الخامسة (¬3):
وهل يتعيَّن للوِتْر قراءة على الوجوب أو الاستحباب؟
قال ابنُ نافع في "المجموعة": إنّ النَّاس يَلْتَزِمُونَ في الوِتْر قراءة قُل هو الله أحد والمعوّذتين (¬4) وما هو بلازم، وهذا ينفي الوجوب. وروى عنه ابنُ القاسم؛ أنَّه قال: إنِّي لأفْعَلُه، وذلك يدلُّ على الاستحباب.
ورَوَى ابنُ القاسم عن مالكٌ: من قرأَ في الوِتْرِ سَهْوًا باُمِّ القرآن فقط، فلا سجود عليه.
وأمّا الشَّفْع، فقد رَوَى ابنُ زياد عن مالك: أنّه قال: ما عندي شيء يستحبّ به القراءة دون غيره، وهذا يدلُّ على أنّ الشَّفْع من جِنْسِ سائر النّوافل، وهذا عندي لمن كان وِتْرُهُ (¬5) عَقِبَ صلاتِه باللّيل، وأمّا مَنْ لم يُوتِر إلَّا عَقِبَ شَفْعٍ، فإنّه يستحبُّ له أنّ يقرأَ بسَبَّح وقُلْ يا أيّها الكافرون، على ما تقدَّمَ في حديث ابن عبّاس.
¬__________
(¬1) أخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار: 1/ 430، والبيهقي في السنن: 2/ 469 من حديث خارجة بن حذافة العدوي.
(¬2) لم نجده بهذا اللفظ، وأخرج بنحوه أحمد: 2/ 405، والطحاوي في شرح معاني الآثار: 1/ 299، والخطيب في موضح أوهام الجمع والتفريق (302) من حديث أبي هريرة، عن النّبيِّ - صلّى الله عليه وسلم -: "لا تدعوا ركعتى الفجر، ولو طردتكم الملائكة".
(¬3) هذه المسألة مقتبسة من المنتقى: 1/ 215.
(¬4) مع أم القرآن.
(¬5) أي وِتْرُهُ بواحدة.