{عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ} (¬1) وبقِيَ فَرْضًا على النَّبيِّ - صلّى الله عليه وسلم -.
وقيل: بَقِيَ منه فرض القليل، وهو قول البخاريّ (¬2).
نكتةٌ أصولية:
فإن قيل: فايُّ شىءِ بَقِيَ فَرْضًا على النّبيِّ - صلّى الله عليه وسلم - وقد دخل عليه السّلام في العموم بقوله: {فَتَابَ عَلَيْكُمْ} (¬3).
قلنا: إنه لا صِيغَة للعموم، وبهذا يحتجُّ مَنْ لا يقول بالعموم مثلنا.
فإن قيل: وبأيّ شيء يحتجّ من يقول به؟
قلنا: الإجماع انعقدَ عليه أنّه فَرْضٌ على النَّبِيّ - صلّى الله عليه وسلم -.
المسألة الحادية عشر (¬4):
قوله: "فَصَنَعْتُ مثلَ ما صنَعَ" يحتمل أنّ يريد به جميع ما فعله النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - على وجه الاقتداء به. ويحتمل أنّ يريد به فعل الوضوء والصّلاة، أعني القيام إلى جَنْبِه.
المسألة الثّانية عشر (¬5):
قوله: "فقامَ إلى جَنبِهِ" يريد أنّه قام يُصَلَّي يصلاتِهِ , وهذا يدلُّ على أنَّ الإمام يَأْتَمُّ بمن لم ينو أنّ يَوُمَّ به. وبهذا قال مالك (¬6).
وقال الشّافعيّ: لا يجوز أنّ يأتمَّ به حتَّى ينوي ذلك الإمام عند إحرامه.
وقال أبو حنيفة: يأتمُّ به الرِّجال ولا يأتمّ به النِّساء.
ودليل مالكٌ: فعلُ ابن عبّاس هذا. وأقَّرَهُ النّبيُّ - صلّى الله عليه وسلم -، وهو دليلٌ على جوازه؛ لأنّه لا يُقِرِّهُ على المنكر.
فإن قيل: يحتمل أنّ يكون ابن عبّاس صادفَ دخوله في الصّلاة حين افتتح
¬__________
(¬1) المزمل: 20.
(¬2) انظر أبواب التهجد (19) باب قيام النبيُّ - صلّى الله عليه وسلم - بالليل من نومه وما نُسِخَ من قيام اللّيل (11) من صحيح البخاريّ.
(¬3) المزمّل: 20.
(¬4) هذه المسألة مقتبسة من المنتقى: 1/ 218 بتصرُّفٍ.
(¬5) هذه المسألة مفتبسة من المصدر السابق.
(¬6) انظر الأشراف: 1/ 115 (ط. تونس).