نكتةٌ لغوية:
وأمّا قوله: "الطَّهورُ" ففيه مسألتان:
الأولى: عندنا أنّ الطّهورَ ما طهَّرَ غيره.
وقال أبو حنيفة: هو الطّاهر في نفسه ولا يفيد تطهيرًا في غيره.
ودليلُنا: أنّه "فَعُولٌ" ومعناه: ما يفعل به، مثل غَسُول بما يُغسَل به، وقد بيَّنَاهُ في أوَّل الباب.
وأمّا من الشّرع: فقوله تعالى: {وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ} الآية (¬1)، فكان تفسيرًا لقوله: {طَهُورًا}.
المسألة الثّانية:
عندنا أنّ الطهور يفيدُ التَّكرار (¬2)، ورواه ابن أبَان عن الشّافعيّ، وروى الجمهورُ عنه أنّه لا يفيد التّكرار، وبه قال أصبَغ. وفائدة الخلاف أنّه يتصوَّر في الماء المستعمل، على ما يأتي بيانُه إنّ شاء الله.
إلحاق:
قال علماؤنا: والماءُ الطَّهورُ على سبعة أقسام:
1 - الأوّل: مُطلَقُ الأوصاف، كماء الآبار والْغُدُرِ والأنّهار، ولا خلاف أنّه طهورٌ ما لم تُلاَقه نجاسة تغيِّره، أو طهارة تنفكّ عنه غالبًا، كماء الثّلج والبرَدِ.
2 - والْجَمْدُ إذا ذاب جاز التّوضؤُ به، وإن توضَّأ به على صفته، فعلى وجهين: إنّ كان رخوًا يجري على الأعضاء ماؤه صَحَّ، وإن كان صلْبًا لا يذوب لم يصحّ إلّا في مسح الرّأس؛ لأنّ المسح يجزئ فيه إصابة البَلَل.
¬__________
(¬1) الأنفال: 11.
(¬2) انظر الإشراف: 1/ 2، 40 (ط. تونس)، ويقول المؤلِّف في الأحكام: 3/ 1418 "قال علماؤنا: إنّ وصفَ الماء بأنّه طهور يقتضي التّكرار على رسم بناء المبالغة".