عبد الحَكَم (¬1) عن مالكٌ في "المختصر" (¬2) أنّ الرّائحة معتبرة.
المسألة الخامسة عشر:
لا يجوز الوضوء والغسل عندنا عند عدَم الماء بنبيذ التَّمر (¬3).
وقال أبو حنيفة يجوز (¬4)، واحتجَّ بقوله (¬5): "ثَمَرَةٌ طَيِّبَةٌ ومَاءٌ طَهُورٌ".
وهذا لا يصحّ بحالٍ، والدَّليلُ القاطع عندنا: قوله -عَزَّ وَجَلَّ-: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} (¬6) فلم يجعل بين الماء والصّعيد واسطة.
وأيضًا: فإنّه مائع لا يجوز الوضوء به حَضَرًا فلم يجز سَفَرًا كسائر المائعات عكسها، لَمَّا جاز التّطهُّر بسائر أنواعه حَضَرًا جاز به سَفَرًا.
وعندنا أيضًا: أنّه لا يجوز الوضوء والغسل عند عدم الماء بمائعٍ.
المسألة السادسة عشر:
وعندنا لا تجوز إزالة النّجاسة بمائعٍ سوى الطّهور (¬7).
وقال أبو حنيفة: يجوز إزالة النّجس بكلِّ مائعٍ (¬8).
والدّليل القاطع عليه: قولُه عليه السّلام في دم الحيض: "حُتِّيهِ، ثمَّ اقرُصِيهِ، ثمّ اغسليه بالماء" (¬9).
¬__________
(¬1) هو الإمام المشهور عبد الله بن عبد الحكم بن أعين (ت 214). انظر ترتيب المدارك: 3/ 365.
(¬2) لابن عبد الحكم مختصرات كثيرة، ولا نعلم مراد المؤلِّف بهذا المختصر، فالمختصر الكبير توجد قطعة منه في خزانة القرويين بفاس، رقم: 810، وقد أشار المستشرق الأعجمي موراني في كتابه دراسات في مصادر الفقه المالكي: 22، 30، 108، 172 إلى أماكن وجود بعض ما وصلنا من كتاب المختصر. وهناك المختصر الأوسط والصّغير، أشار إليهما القاضي عياض في ترتيب المدارك. واعتمدهما ابن أبي زيد في النوادر والزيادات.
(¬3) انظر عيون الأدلة: الورقة 72/ أ، والإشراف: 1/ 3 (ط. تونس).
(¬4) انظر كتاب الأصل: 1/ 75، ومختصر الطحاوي: 15، ومختصر اختلاف العلماء: 1/ 129.
(¬5) أي قوله - صلّى الله عليه وسلم - في في حديث ابن مسعود الّذي رواه عبد الرزاق (693)، وابن أبي شيبة (263)، وأحمد: 1/ 402، وأبو داود (84)، وابن ماجه (384)، والترمذي (88)، وأبو يعلى (5046)، والبيهقي: 1/ 9.
(¬6) النساء: 43.
(¬7) انظر التفريع: 1/ 198، والإشراف: 1/ 3 (ط. تونس).
(¬8) انظر مختصر اختلاف العلماء: 1/ 155.
(¬9) أخرجه. مع اختلاف في الألفاظ. مالك (156) رواية يحيى، وانظر جامع الترمذي (138).