ذكر فوائد هذا الحديث:
وهي ثلاث فوائد:
الفائدةُ الأولى:
في إصغاءِ الإناء لها طَلَبُ الأجرِ في ذي الْكَبِد الرَّطْبةِ.
الفائدة الثّانية (¬1):
فيه إباحةُ اتِّخاذِ الهرِّ للانتفاعِ به، ومعلومٌ أنّ ما جازَ الانتفاعُ به جازَ شراؤُه وبيعُه، إلّا ما خُصَّ بدليلٍ، وهو الكلبُ الّذي نُهِيَ عن ثمنهِ.
الفائدة الثّالثة (¬2):
فيه أنّ الهرَّ ليس يُنَجَّسُ ما شرِبَ منه، وأَنَّ سُؤرَهُ طاهرٌ، هذا قولُ مالكٍ والشّافعىِّ وأصحابه (¬3) وجماعة.
قال الإمام الحافظ أبو بكر - رضي الله عنه (¬4) -: الابتداء بتمكينها من الماء؛ إشارة إلى أنّ طهارةَ سُؤرِها أصليةٌ، وأنّ ما يَعْرِضُ من حالتها المتوهّمة بأكلها النّجاسات ساقطة الاعتبارِ. وهذا إذا لم تر في فمها أذًى (¬5)، أو تمشي على عينك من النّجاسة إلى الماء؛ فإن ذلك لا يجوزُ حتّى تغيبَ عنك فتعودَ إلى أصلها الّذي حَكَمَ لها به النَّبيُّ - صلّى الله عليه وسلم -.
حديث: أمّا حديث عَمْرو بن العاصي حِينَ ورد الْحَوْض (¬6)؛ فالكلامُ عليه كالكلام
في سُؤر السِّباع.
قوله (¬7): "إِنَّا نَرِدُ على السِّباعِ" يقتضي أنّ أسْآرَ السِّباع طاهرةٌ، وبه قال مالك (¬8) والشّافعيّ.
¬__________
(¬1) هذه الفائدة مقتبسة من الاستذكار: 1/ 207 (ط. القاهرة).
(¬2) هذه الفائدة مقتبسة من المصدر السابق.
(¬3) انظر كتاب الأوسط لابن المنذر: 1/ 399.
(¬4) انظره في القبس: 1/ 145.
(¬5) وهو الّذي رواه يحيى في موطئه: 1/ 57 عن مالك أنّه قال: "إلّا أنّ يُرَى على فمها نجاسة".
(¬6) أخرجه مالكٌ في الموطَّأ (47) رواية يحيى.
(¬7) أي قول عمر بن الخطاب في الحديث المشار إليه آنفًا، ومن هنا إلى آخر المسألة مقتبس من المنتقى: 1/ 62.
(¬8) انظر المدونة: 1/ 6، والواضحة: 200.