باب الوضوء ممّا مسَّت النّار
قال الإمام - رضي الله عنه -: في هذا الباب للعلماء جملة كلام يفتقر إلى مزيد بيان.
كشفٌ وإيضاحٌ (¬1):
وقد جاء مالكٌ - رحمه الله - بأصلٍ بديعٍ فقال (¬2): "تركُ الوضوء ممّا مسَّتِ النّار"، ثمّ أدخل اختلاف الأحاديث، ثمّ أدخل عمل الخلفاء بترك الوضوء ممّا مسّت النّار (¬3)، وهي مسألةٌ من أصول الفقه؛ إذا اختلفتِ الأحاديث عن النّبيِّ صلّى الله عليه، فما عمل به الخلفاء أرجح (¬4).
مزيد بيان (¬5):
وأمّا اختلاف الأحاديث، فإنّ مالكًا - رحمه الله - أشبع هذا الباب وقوَّاهُ لشدَّةِ الاختلاف بين السَّلَف بالمدينة وغيرها، فذكر فيه حديثَيْن مُسْنَدَين: حديث ابن عبّاس هذا (¬6)، وحديث سُوَيد (¬7)؛ أنّ النّبيَّ صلّى الله عليه أكل السَّوِيقَ ولم يزد على أنّ تمضمضَ وصلّى، وحديثًا
¬__________
(¬1) انظره في القبس: 1/ 146 - 147.
(¬2) في الموطَّأ: 1/ 60 رواية يحيى.
(¬3) يقول المؤلِّف في العارضة: 1/ 109 "اعتنى مالكٌ في موطّئه بهذه المسألة واستظهر فيها بباب من الأصول، وهو فعل الخلفاء رضي الله عنهم بتركهم الوضوء مما مست النّار. وإذا اختلف الحديثان عن رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - عمل الخلفاء بأحد الحديثين قضينا بعمل الخلفاء، وكل ذلك يدلُّ على أنّ الحديث منسوخ".
(¬4) انظر المحصول: 65/ أ.
(¬5) كلّ ما تحت هذا المزيد من البيان مقتبس من الاستذكار: 1/ 221 (ط. القاهرة).
(¬6) أخرجه مالك في الموطَّأ (54) رواية يحيى.
(¬7) الّذي أخرجه مالك (55) رواية يحيى.