الحديث (¬1). وقد ثبت عنه أنّه زار قبر أُمِّهِ آمنة في ألف مَقنَعٍ يوم الفَتحِ (¬2)، وزار ابنُ عمر قبرَ أخيه عاصم (¬3).
قال الشّيخُ -أيّده الله-: هذه حُجَّة من رأى زيارة القبور. وأمّا من كره ذلك للنِّساء، احتجّ بحديث ابن عبّاس؛ قال: "لعنَ رسولُ الله زوّارات القبور والمتَّخِذِينَ عليها المساجد والسُّرُج" (¬4).
ومن العلماء من قال (¬5): هذا منسوخٌ بقوله: "زُوروا القبورَ فإنّها تُذَكِّرُكُم الآخرة" (¬6) وبقوله: "السّلامُ عليكم دارَ قومٍ مؤمنينَ، وإنّا إنّ شاءَ اللهُ بكم لاحِقُونَ" (¬7)، ورُوِيَ عنه - صلّى الله عليه وسلم - أنّه دخل البقيع فقال: "السّلامُ عليكم دارَ قومٍ مؤمنينَ، أنتم لنا فَرَطٌ ونحن لكم تبعٌ، اللَّهمَّ لا تحرمنا أجرهم، ولا تَفْتنّا بعدهم" (¬8) وفي بعضها: "اسأل الله لنا ولكم العافية" (¬9).
ورُوي عن أبي هريرة أنّه قال: من دخل المقابر فاستغفر الله لأهل القبور، فقال: اللهم رَبَّ هذه الأجساد البالية، والعظام النّخرة، خرجت من الدُّنيا وهي مؤمنة، فَأدْخِلْ عليها روْحًا وسلامًا، كانت له بعددهم حسنات (¬10).
¬__________
(¬1) أخرجه مسلم (977) من حديث بريدة.
(¬2) رواه الحاكم: 1/ 531 وقال: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه" وأقره الذهبي، كما أخرجه أيضًا: البيهقي في شعب الإيمان (9290) من حديث بريدة.
(¬3) أخرج هذه الرواية ابن سعد في الطبقات: 7/ 16 - 17 (ط. الخانجي) من طُرُقٍ.
(¬4) أخرجه الطيالسي (2733) وابن أبي شيبة (7549)، وأحمد: 1/ 229، وأبو داود (3236)، وابن ماجه (1575)، والترمذي (320) وقال: "حديث حسن" والنسائي (2170)، وابن حبان (3179)، والبيهقي: 4/ 87.
(¬5) منهم ابن شاهين في ناسخ الحديث ومنسوخه: 275.
(¬6) أخرجه الترمذي (1054) من حديث بريدة.
(¬7) أخرجه مالك (64) رواية يحيى. من حديث أبي هريرة.
(¬8) أخرجه ابن ماجه (1546)، والنسائي في الكبرى (8912) من حديث عائشة.
(¬9) رواها مسلم (975) من حديث بريدة.
(¬10) أخرجه ابن أبي شيبة (35208)، وابن عبد البرّ في التمهيد: 20/ 241 موقوفًا عن الحسن.