كتاب المسالك في شرح موطأ مالك (اسم الجزء: 3)

العشاء ثم انصرفَ، فلا ينبغي أنّ يُوتِر حتَّى يأتي بشَفْعٍ. وقال عنه (¬1) ابنُ نافع: لا بأس أتى يُوتِرَ بواحدةٍ في بيته.
فوجه رواية ابن القاسم: فعلُ النّبيِّ - صلّى الله عليه وسلم - وأصحابه بعدَهُ.
ومن جهة المعنى: أنّ وقتها واحدٌ، لاختصاص هذا الشَّفْع بالوتر، حتّى نسب إليه وسُمِّيَ باسمه، فوجب أنّ يُفَارِقَه.
ووجه رواية ابن نافع: أنّه أَوْجَدَ الوِتْرَ في وقته ليفعل (¬2) في الحين (¬3).

ما جاء في رَكْعَتَي الفجر
قال المؤلِّفُ: في هذا الباب تسع مسائل:
المسألة الأولَى:
قد بيَّنَّا أنَّ الوِتْرَ سُنَّةٌ. وأمّا ركعتا الفجر، فقيل فيهما: إنّهما من الرَّغائب. وقيل: إنّهما من السُّنَنِ المؤكَّدَةِ. وليس في الشّريعة بعد الصّلوات الخمس آكد من الوِتْرَ ورَكْعَتَي الفجر. ولذلك أسكتَ عُبَادَةُ المؤذِّنَ (¬4). وقد يكون التّرغيب في الشَّيْءِ الواجب، لكنّ (¬5) الفقهاء أوقفوا هذا اللّفظ على ما تَأَكَّدَ من المندوب إليه (¬6).
المسألة الثّانية (¬7):
اختلفَ العلماء في المعنى الّذي تستحق به النّوافل الوَصْفَ بالسُّنَنِ. فعند أشهب أنّ السُّنَنَ منها: كلُّ ما تَقَرَّرَ ولم يكن للمكلَّفِ الزِّيادة فيه بحُكْمِ التَّسمية المختصَّةِ به كَالْوِتْرِ، ولذلك قال في "المجموعة": رَكْعَتَا الفجر من السُّنَنِ. وعند مالكٌ: إنّ السُّنَنَ من النّافلة، ما تكَرَّرَ فعلُ النّبيِّ - صلّى الله عليه وسلم - في الجماعات، كصلاة العِيدَيْن
¬__________
(¬1) أي عن مالك.
(¬2) غ:" فيفعل".
(¬3) الّذي في المنتقى: "أنّه قد وجد الوتر، ووجد ما يكون وترًا له في وقته، وذلك يقتضي صحتهما وإن تفرّقا، كالمغرب الّذي يوتر صلاة النّهار، كان تفرقًا في الوقت والفعل".
(¬4) كما في حديث الموطَّأ (333) رواية يحيى.
(¬5) العبارة التالية مقتبسة من المننقى: 1/ 226.
(¬6) تتمة العبارة كما في المنتقى: "وكانت له مَزِيَّة على النّوافل المطلقة".
(¬7) هذه المسألة مقتبسة من المصدر السابق.

الصفحة 10