كتاب المسالك في شرح موطأ مالك (اسم الجزء: 3)

ووجه القول الثّاني: أنّه قد أتى بهما, ولم يُشْرَع له إعادتهما كسائر الصلوات.
المسألة الثّامنة (¬1): قوله: "لا صلاةَ بعد رَكعَتَي الفَجْرِ إلَّا الفَجْرِ" (¬2)
قال الإمام: فهذا وإن لم يصحّ سَنَدُه صحيح المعنى؛ لانه -كما قدَّمنا- وقت يُبَادَرُ فيه إلى الصّلاة، فلا يشرع قبلها صلاة سواها؛ ولذلك نقول له: إذا دخلتَ المسجد فلم تصلّهما، فصلّهما تجمع بين فضل التّحيّة وبينهما، وإن كان صلّاهما في بيته* فقال مالكٌ وابن وهب عنه: يركعهما. وروى ابن نافع: لا يعيدهما. وهذا لفظ قَلِقٌ، إنّما يقال هل يُحَيِّى المسجد بركعتيه* (¬3) ولم (¬4) يجلس دون تحية. * فقيل: لا يُحَيِّى، للحديث المأثور: " لا صَلَاة بعد طُلُوعِ الفَجْرِ إلَّا ركعتي الفجر" وهو المتقدِّم، وليس بصحيح. وقيل: يُحَيِّى، وهو الصَّحيح، وبه أقول* (¬5)
المسألة التّاسعة:
قوله (¬6): "فَاتَتْهُ رَكعَتَا الفَجْرِ، فَقَضَاهُمَا بَعْدَ أنّ طَلَعَتِ الشَّمْسُ" يحتمل أن يذكرهما بعد الصُّبح ويؤخِّر ذلك، وهو مذهب مالك.
وقال الشّافعيّ: يصلِّيهما قبل طلوع الشَّمس (¬7).
والدليل على ما نقوله: أنّ النّبيَّ - صلّى الله عليه وسلم - نَهَى عن الصَّلاة بعد الصُّبح حتَّى تطلع الشَّمس.
إكمال:
رَوَى التّرمذيّ (¬8) عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: قال رسول الله - صلّى الله عليه وسلم: "رَكْعَتَا
¬__________
(¬1) انظرها في عارضة الأحوذي: 2/ 215.
(¬2) لم نجده بهذا اللفظ، وأقرب رواية إلى رواية المؤلِّف هي ما رواه الترمذي (419) عن ابن عمر؛ أنّ رسولَ الله - صلّى الله عليه وسلم - قال: "لا صلاةَ بعد الفجر إلَّا سجدتين" قال الترمذي:"حديث ابن عمر حديث غريب لا نعرفه إلَّا من حديث قدامة بن موسى، ورَوَى عنه غيرُ واحد". وانظر تعليق بشار عواد معروف.
(¬3) ما بين النجمتين ساقط من الأصل، واستدركناه ص العارضة.
(¬4) في النسخ: "لا" والمثبت من العارضة.
(¬5) نعتقد جازمين أنّ المسألة قد لحقها سقط كثير، وحاولنا إكمال السقط بنقل ما في العارضة، فما بين النجمتين مستدرك منها.
(¬6) أي قول مالك بلاغًا في الموطَّأ (339) رواية يحيى.
(¬7) انظر الحاوي الكبير: 2/ 287 - 288.
(¬8) في جامعه الكبير (416).

الصفحة 13