كتاب المسالك في شرح موطأ مالك (اسم الجزء: 3)

تغْفِرَ لي ذُنُوبِي , فإنّه لا يَغْفِرُ الذنُوبَ إلّا أنتَ. خرجَ معه سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ يستغفرونَ له، وأقبلَ اللهُ عليه بوَجْهِهِ حتّى يقضي صَلاَتَهُ" (¬1) ومثلُ هذا لا يُدْرَكُ بالرَّأْيِ، ولا يكون إلَّا عن النّبيِّ -عليه السّلام-.
ومنها: السّلام على النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم -، والدُّعاء عند دخول المسجد، وعند خروجه، فهاتان درجتان. وَرَوَى النّسائي (¬2) من حديث المقبري، عن أبي هريرة، قال: قال النّبيُّ - صلّى الله عليه وسلم -: "إذا دخل أحدُكُم المسجدَ، فَلْيُسَلِّم على النَّبيِّ: - صلّى الله عليه وسلم - ولْيَقُلْ: اللهمَّ افتح لي أبوابَ رَحْمَتِكَ وإذا خرجَ فَلْيُسَلِّم على النَبيِّ - صلّى الله عليه وسلم -، وليقل: اللهُمَّ اعْصِمْنِي من الشَّيطَانِ".
ومنها: السلامُ عند دخول المسجد ولو كان فارغًا؛ فقد رُويَ عن ابن عبّاس في قوله: {فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ} الآية (¬3)، قال: هو المسجد إذا دَخَلْتَهُ فَلْتَقُل: السَلاَمُ علينا وعلى عباد الله الصّالحين (¬4).
ومنها: الرُّكُوع في المسجد عند دخوله، فقد أمر النّبيُّ -عليه السّلام- بذلك، وهي تحيّة المسجد.
ومنها: تَرْكُ الخوضِ في أَمْرِ الدُّنيا، لحرمة المسجد والصّلاة، وذِكرُ الله تعالى فيه، لقوله تعالى: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ} الآية (¬5).وكان عمر يضرب النَّاسَ على ذِكْرِ الدُّنيا في المسجد، واتَّخَذَ البطيحاء لمن أراد اللَّغَطَ فيه.
ومنها: إجابةُ الدَّعوةِ حضرة النِّداء للصلاة، فقد قال -عليه السّلام-: "ساعتان تفتح فيهما أبواب السَّماء للدُّعاء: حضرة النِّداء للصَّلاة، والصَّف في سبيل الله".
ومنها: اعتدالُ الصُّفوفِ وإقامتها، والتّراصّ في الصّلاة، وإلزاق الْمَنْكِبِ
¬__________
(¬1) أخرجه ابن أبي شيبة (29202)، وابن الجعد في مسنده (2031)، وأحمد: 3/ 21، وابن ماجه (778)، والطبراني في الدُّعاء (421). قال البوصيري في مصباح الزجاجة: 1/ 98 "هذا إسناد مسلسل بالضّعفاء". وانظر علل الحديث لابن أبي حاتم: 2/ 184.
(¬2) في سننه الكبرى (9918).
(¬3) النور: 61
(¬4) أخرجه الحاكم: 2/ 436 (ط. عطا) وقال: "صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه" كما أخرجه البيهقي في شعب الإيمان (8836).
(¬5) النور: 36.

الصفحة 19