كتاب المسالك في شرح موطأ مالك (اسم الجزء: 3)

لفْظًا (¬1). وقوله: "جاءَ عثمانُ إلى صلاةِ العِشَاءِ فرأَى أهلَ المسجدِ قَلِيلًا، فاضْطَجَعَ في مُؤَخَّرِ المسجدِ".
قال علماؤنا (¬2): إنّما فعل ذلك لأنّه من آداب الأيمّة ورِفْقِهِمْ بالنّاسِ، وانتظارهم الصّلاة إذا تأخّروا، وتعجيلها إذا اجتمعوا، وقد رَوَى جابِر عن النّبيِّ - صلّى الله عليه وسلم -؛ أنَّه كان يفعلُ ذلك في صلاة العشاء، فكان (¬3) فعل عثمان لذلك اقتداءً به - صلّى الله عليه وسلم -.
الفائدة الثّالثة (¬4):
قوله: "فَأَتَى (¬5) ابن أبي عَمْرَةَ فَجَلَسَ إَلَيهِ" يحتمل أنّ يكون جلس إليه ليقتبسَ منه عِلْمًا، ويقتدي به في عَمَلٍ، أو يسأله حاجة، فسأله مَنْ هُوَ وما معه من القرآن.
قال علماؤنا (¬6): وهذا أيضًا اهتبالٌ من الأيمّة بأحوال النّاس وبما يحصلُ معهم من العلم والقرآن، وتعرف منازلهم بذلك (¬7). وإخبارُ عثمان له بذلك بما كان معه (¬8) من العلم في صلاة الصُّبحِ والعِشَاء لَمَّا رآه أهلًا لذلك، ولَمَّا رَجَا أنّ ينشط بذلك على المواظبة عليها. وهذا يدلُّ على أنّ حُضُورَ الجماعةِ ليس بفَرْضِ على الأَعْيَانِ؛ لأنَّ النّبيَّ - صلّى الله عليه وسلم - سَاوَى بينها (¬9) وبين النّوافل، ولا يعدل الفَرْضُ النَّفْلَ ولا يساويه، أَلَاَ ترى أنّه مَنْ تركَ صلاة فَرْضٍ لا يُجْزِىء عنه قيام ليلة.

إعادةُ الصّلاةِ مع الإمام
مالكٌ (¬10)، عن زيد بن أسلم، عن رَجُلٍ من بني الدِّيلِ، يقال له: بُسْرُ ابْن
¬__________
(¬1) يقول ابن عبد البرّ في التمهيد: 23/ 352 "وهذا لا يكون مثله رأيًا, ولا يُدرَكُ مثل هذا بالرأي، وقد روي مرفوعًا عن النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم -"قلنا: أخرجه مرفوعًا مسلم (656) وغيره.
(¬2) المقصود هو الإمام الباجي فيم المنتقى: 1/ 232، وهذه الفقرة هي الفائدة الأُولىَ.
(¬3) هذه الجملة من إضافات المؤلِّف على نصِّ الباجي.
(¬4) هذه الفائدة مقتبسة من المنتقى: 1/ 232.
(¬5) في الموطَّأ: "فَأَتَاهُ".
(¬6) المقصود هو الإمام الباجي.
(¬7) تتمَّة الكلام كما في المنتقي: "وهذا مما يُنَشِّطُ النّاس إليه".
(¬8) في المنتقى: "عنده".
(¬9) في المنتقى: "بينه"، غ: "بينهما".
(¬10) في الموطَّأ (349) رواية يحيى.

الصفحة 27