كتاب المسالك في شرح موطأ مالك (اسم الجزء: 3)

"المبسوط": ولا يدخل المسجدَ وليرجع، فإنَّ (¬1) بدخوله يُوجِبُ على نفسه أن يتعمَّدَ الصّلاة مع الإمام بعد أنّ صَلَّى وَحْدَهُ، وذلك ممّا لا ينبغي.
المسألة الخامسة (¬2):
قوله (¬3): "وإنْ كُنْتَ قد صَلَّيْتَ" فيحتملُ أيضًا فَذًّا أو في جماعةٍ.
ويحتملُ الفَذِّ خاصّةً؛ لأنّه (¬4) إنّ حملَ على الأغلب من أحوال النّاس في أنّ مَنْ صلَّى في بيته صلَّى فَذًّا، قصر (¬5) على الفذِّ، وبهذا قال مالكٌ وأبو حنيفة والشّافعيّ.
وقال (¬6) أحمد وإسحاق أنّ ذلك في الفَذِّ وغيره.
والدليل على صحة ما ذهب إليه الجمهور: ما رُوِيَ عن سليمان بن يَسَار؛ أنّه قال: رأيت ابن عمر جالسًا على البلاط والنّاسُ يصلُّونَ. قلتُ: يا (¬7) أبا عيد الرحمن، مالكٌ لا تُصَلِّي؟ قال: إنِّي قد صلَّيْتُ، إنِّي سمعتُ رسولَ الله - صلّى الله عليه وسلم - يقول: "لا تُعَادُ الصَّلاةُ في يوم مَرَّتَيْن" (¬8).
قال الإمام (¬9): ودليلُنا من جهة القياس: أنَّ هذه الصّلاة فَرضٌ أداؤها مع الإمام، فلم يكن مأمورًا بإعادتها مع إمام غيره كالْعَصْرِ، وهذا في الجماعات ومساجد الآفاق (¬10).
نكتةٌ لغوية (¬11):
قوله (¬12): "فإنْ فَعَلتَ فَلَكَ (¬13) سَهْم جَمعٍ، أو مِثْلَ سَهْم جَمْعِ" قال
¬__________
(¬1) في المنتقى: "فإنَّه".
(¬2) هذه المسألة مقتبسة من المنتقى: 1/ 232 - 233.
(¬3) أي قوله - صلّى الله عليه وسلم - في حديث الموطَّأ (349) رواية يحيى.
(¬4) في المنتفى: "غير أنّه".
(¬5) في النُّسَخِ: "قفى" والمثبت من المنتقى.
(¬6) "وقال" زيادة من المنتقى يقتضيها السِّياق.
(¬7) أخرجه النسائي في الكبرى (933)، وابن خزيمة (1641)، وابن حبَّان (2396) من حديث أبي ذرّ.
(¬8) "يا" زيادة من المنتقى.
(¬9) الكلام موصول للإمام الباجي.
(¬10) انظر الإشراف: (1/ 93 (ط. تونس).
(¬11) هذه النكتة مقبسة من المنتقى: 1/ 233.
(¬12) أي قول أبي أيوب الأنصاري في حديث الموطّأ (352) رواية يحيى.
(¬13) في الموطَّأ:" فإنّ من صنع ذلك، فإن له".

الصفحة 32