كتاب المسالك في شرح موطأ مالك (اسم الجزء: 3)

الفقه:
قوله (¬1): "فَلْيُخَفِّفْ " يريد التّخفيف من القراءة والرّكوع والسجود الّذي لا يبلغُ الإخلال بالفَرْضِ، وإنّما التَّخفيف ممّا زاد على الفَرْضِ الّذي لا تُجْزِى (¬2) إلَّا به.
والدّليلُ على ذلك: ما رُوِيَ عن أنس؛ انّه قال: "كان النّبيُّ - صلّى الله عليه وسلم - يُوجِزُ الصَّلاة ويُكْمِلُهَا" (¬3)
وحديث معاذ بن جبل؛ أنّه طوّل في الصّلاة, وقرأ فيها بسورة البَقَرَة، فشكاهُ قَوْمُهُ إلى النّبيِّ - صلّى الله عليه وسلم -، فقال النّبيُّ - صلّى الله عليه وسلم -: " أفَتَّانٌ أَنْتَ يَا مُعَاذُ، إذا صلَّى أحدكم بالنّاس فَلْيُخَفَّفْ، فإن فيهم الضّعيف والسّقيم وذَا الحَاجَةِ" (¬4) فَأَمَرَهُ بالتَّخْفِيف في القراءة بعد أنّ يُتِّم الرُّكوع والسُّجود.
وقد قال بعض العلماء: مِنْ حديثِ معاذ يخرج جواز صلاة المفترض خَلْفَ المُتَنَفِّلِ، وسيأتي الكلام عليه إن شاء الله.
حديث مالكٌ (¬5)، عن يحيى بن سعيد؛ أنّ رَجُلًا كان يَؤُمُّ بالعَقِيقِ، فأَرْسَلَ إليه عمرُ بن عبد العزيز ونهاه. وقال (¬6) إنّما نهاه, لأنّه كان لا يُعْرَفُ أَبُوهُ.
الفقه:
اختلفَ (¬7) النّاسُ في وَلَدِ الزِّنَا، هل يكون إمامًا راتبًا أم لا؟ على قولين:
الأوّل: مذهب (¬8) مالك - رحمه الله - أنّه يكره ذلك (¬9). فإن أمَّ جازَتْ صلاة من ائتَمَّ به، وبه قال اللَّيْث والشّافعيّ.
والقولُ الثّاني: قال ابن دينار: لا تُكْرَهُ إمامته إذا كان في نفسه أَهْلًا لذلك، وبه
¬__________
(¬1) هذه الفقرة مقتبسة من المنتقى: 1/ 234 - 235.
(¬2) أي الصّلاة.
(¬3) أخرجه البخاريّ (706)، ومسلم (469).
(¬4) أخرجه بألفاظ مختلفة البخاريّ (705)، ومسلم (465) من حديث جابر.
(¬5) في الموطَّأ (357) رواية بحيى.
(¬6) القائل هنا هو الإمام مالك.
(¬7) الكلام التالي - وهو المسألة الأولى - مقتبس من المنتقى: 1/ 235 بتصرُّف.
(¬8) في المنتقى: " فذهب" وهي أسدّ.
(¬9) قاله في المدونة: 1/ 85.

الصفحة 34