كتاب المسالك في شرح موطأ مالك (اسم الجزء: 3)

والدّليل على ما نقوله: أنّ هذا غير مكلَّفِ، فلم يجز الائتِمَام به كالمجنون، فَمَنْ صلَّى معه، فإنّه يعيدُ أَبَدًا، قاله ابنُ حبيب، وبه قال أبو حنيفة (¬1).
قال القاضي (¬2): وهذا مَبْنِيٌّ على أنّه (¬3) لا يجوز أنّ يصلِّي أحدٌ الفريضةَ وراءَ من يصلِّي النّافلة.
وقول أبِي مُصْعَب يحتملُ عندي وجهين:
1 - أحدُها: أنّ هذه الصّلاة جازت وراء الصّبىِّ لَمَّا صلّاها بنِيَّة الفَرْضِ، فعلى هذا لا تجوز الصّلاة وراء المُتَنَفِّل.
2 - ويحتملُ أنّ يُبْنَى على تجويز صلاة الفريضة خَلْفَ المُتَنَفِّل؛ لأنّ صلاة الصَّبىِّ نافلةٌ، وهو مذهب الشّافعيّ.
والدَّليلُ على المنع من ذلك: أنّ كلَّ مَنْ أدَّى بنيَّةِ إِمَامِهِ أجزأته (¬4)، فإذا أَدَّاها بغير نيَّتِهِ لم تجزئه كالجمعة.
المسألة السادسة (¬5):
أمّا الّنقصان في الدِّين، فإنه فِسْقٌ وكُفْرٌ. فأمّا الفسقُ، فقد حَكَى القاضي أبو محمد عبد الوهّاب (¬6) عن مالك؛ أنّه يمنع صِحَّةَ الإمامةِ، وحكاه ابن القصّار (¬7).
والدليل على ذلك: أنّ هذا نوع فِسْقٍ يجب أنّ يمنع الإمامة كالكُفْر.
المسألة السابعة (¬8):
من صلَّى وراءه (¬9)، فقد قال الأبْهَرِيُّ: إنّ ذلك على قسمين (¬10): فما كان بتأويلٍ أَعَادَ في الوقت. وما كان فسقًا باجماعٍ أعاد أبدًا.
¬__________
(¬1) انظر مختصر اختلاف العلماء: 1/ 237، والمبسوط: 1/ 180.
(¬2) الكلام موصول للأمام الباجي.
(¬3) في المننقى: "وهذه المسألة بيّنةٌ عندي على أنّه".
(¬4) في المنتقى: "لم تجزه".
(¬5) هذه المسألة مقتبسة من المنتقى: 1/ 236.
(¬6) في التلقين: 37.
(¬7) انظر عيون المجالس: 1/ 369.
(¬8) هذه المسألة مقبسة من المنتقى: 1/ 236.
(¬9) أي وراء الفاسق.
(¬10) انظر هذا التقسم في عبون المجالس: 1/ 370 حيث حكاه ابن القصار عن الأبهري.

الصفحة 37