كتاب المسالك في شرح موطأ مالك (اسم الجزء: 3)

"الموازية" أنّه من اتَّبَعَهُ فيها فصلاته باطلةٌ.
فإذا قلنا: تبطلُ صلاة من صلَّى معه فإنّ ذلك لمعنيين:
أحدهما: أنّ من ائتَمَّ به فيها لزمه حُكم الإمام الأوَّلِ، فلا يجوز له أنّ يُتِمَّ صلاته متي ذلك المُستَخلَف ولا متي غيره، وإنّما حُكْمُه أنّ يقضي ما فاته (¬1) وحدَهُ. وقد روى موسى (¬2) عن ابن القاسم؛ أنّ من فاتته ركعة فقضاها بإمامٍ فاتَتْهُ من الجماعة، فأحبُّ إليّ أنّ يعيدَ أبدًا، وروى ابنُ الموّاز: تبطل عليه. وقاله سحنون في "المجموعة". وقال ابنُ عبد الحَكَم: من لزمه أنّ يقضي فَذًّا فقضَى بإمامٍ بطلت صلاته.
والوجهُ الثّاني: أنَّ مَنِ ائْتَمَّ بمأمومٍ فعليه (¬3) القضاء.
فإذا قلنا بجواز ذلك، فيحتمل أنّ يكون أبو بكر يأتم بالنَّبيِّ - صلّى الله عليه وسلم -، والنّاس يأتمُّونَ بأبي بكر.
وإن قلنا بالمتي من ذلك، فتاويلُه ما تقدَّمَ، ويحتمل أنّ يكون ذلك خاصًّا بالنّبيِّ عليه السّلام.
خاتمة (¬4):
قال ابنُ حبيب عن مالكٌ: إنه منسوخٌ بتَرْكِ أبي بكر وعمر وعثمان وعلىّ الإمامةَ في حال الجلوس (¬5). وهذا فيه نظر؛ لأنّ النَّسْخَ لا يكون بعدَ النّبيِّ - صلّى الله عليه وسلم -، إلَّا أنّ يريد أنّ الإمامة في حال الجلوس منسوخة (¬6).
قال القاضي أبو الوليد (¬7): "يدلُّ على ذلك النَّسْخ: إجماع الأُمَّة على الامتناع من إمامة الجالس" (¬8).
¬__________
(¬1) من صلاة الإمام.
(¬2) في النُّسْخِ: "يونس" وهو تصحيف، والمثبت من المنتقى، وهو موسى بن معاوية.
(¬3) في النُّسْخِ: "عليه" والمثبت من المنتقى.
(¬4) هذه الخاَتمة مقبسة من المنتقى: 1/ 240 - 241.
(¬5) في النُّسخِ: "وعليّ فقال: الإمامة في حال الجلوس منسوخة" والمثبت من المنتقى.
(¬6) كذا في النُّسخِ، والعبارة غير سليمة، والصواب كما في المنتقي: "إلَّا أنّ بريد أنّ النّسخَ كان بعد هذه الصّلاة في حيَاة النّبيِّ - صلّى الله عليه وسلم -".
(¬7) في المنتقى: 1/ 241.
(¬8) في النتقى: "على الامتناع منه ومن إمامه الجالس".

الصفحة 46