كتاب المسالك في شرح موطأ مالك (اسم الجزء: 3)

وفي هذا الباب مسألتان:
المسألة الأولى (¬1):
مَنِ افتتحَ نافلة قاعدًا ثمّ أرادَ القيام، فإنَّ ذلك له أنّ يفعله. ولو افتتح قائمًا ثمَّ أراد الجلوس، فإنَّ ذلك يجوز له عند ابن القاسم (¬2). وقال أشهب: لا يجوز له ذلك (¬3).
المسألة الثّانية (¬4):
والجلوسُ في الصّلاة ليست له صفةٌ مخصوضةٌ لا يجزئ إلَّا عليه، بل يُجْزِىء على كلِّ صفةٍ من الاحتباء والتَّربُّع والتَّوَرُّك وغيرها.
قال القاضي: غير أنّ أبا محمد عبد الوهّاب ذكر (¬5) أنّ أفضلَها التَّربُّع؛ لأنّه أقرب (¬6) هيئات الجلوس، إلّا أنَّ الاحْتِبَاءَ مع ذلك جائزٌ، وليس في احتباء سعيد وعُروة (¬7) دليل على اختيارهما له، وإنّما فيه دليلٌ على أنّه كان يتكرّر منهما, ولعلّه كان يتكرّر عند السّآمة للتَّرَبُّع أو غير ذلك. واللهُ أعلمُ.

الصّلاةُ الوُسْطَى
التّرجمة:
قال الإمام الحافظ: الألف واللّام في "الوُسْطَى" الّتي في القرآن (¬8) هي للعَهْد (¬9)؛ لأنّ الرَّبَ تعالى قد كان علَّمَها نبيَّهُ، فلمّا ذكرها له كأنّه قال: هذه الّتي أعلمتك بها.
¬__________
(¬1) هذه المسألة مقتبسة من المنتقى: 1/ 243 بتصرّف.
(¬2) ووجه قول ابن القاسم - كما ذكر الباجي في المنتقى-: أنّها حالة تُبِيحُ له افتتاح الصّلاة جالسًا، فجاز أنّ ينقلَ لها إلى الجلوس مَنْ افتَتَحَهَا، كحالة العُذر.
(¬3) ووجه قول أشهب - فيما ذكلرَ الباجي في المنتقى-: أنّ من شرع في عبادة لزمه إتمامها، وهذا لما افتتح نافلته قائمًا لزمه إتمامها قائمًا.
(¬4) هذه المسألة مقتبسة من المنتفى: 1/ 244.
(¬5) في المنتقى: "رأى" وانظر رأي القاضي عبد الوهّاب في التلقين: 40، والإشراف: 1/ 93 (ط. تونس).
(¬6) في المنتقى: "أوفر".
(¬7) الّذي رواه مالكٌ بلاغًا في الموطَّأ (366) رواية يحيى.
(¬8) يقصد قوله تعالى: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى} "البقرة: 238.
(¬9) انظر أحكام القرآن: 1/ 224.

الصفحة 53