الأوّل: التَّوجُه إلى القِبْلَة
وهو أمر مستحبٌّ، وليس (¬1) في الحديث توجيهٌ إلى القِبْلَة، ولا في حديث وفاة النّبيِّ - صلّى الله عليه وسلم -، وقد رَوَى ابنُ القاسم عن مالك في "المجموعة" قال: ما علمتُ التَّوجيه إلى القبلة من الأمر القديم. ورَوَى ابنُ حبيب؛ أنَّ ابنَ المُسيَّب أُغْمِيَ عليه في مَرَضِه فَوُجِّه إلى القِبلَةِ، فأفاقَ فأَنكرَ فعلَهُم به، فقال: على الإسلام حييتُ وعليه أموت (¬2). قال ابنُ حبيب: أراه إنّما كره وأنكر عَجَلَتهم بذلك قبل الحقيقة، وظاهر قوله (¬3) مخالفٌ لهذا التّأويل.
ولقد رَوَى ابنُ القاسم وابنُ وهب عن مالك؛ أنّه قال: ينبغي أنّ يُوَجَّهَ المريضُ إلى القِبلَةِ.
المسألة السابعة (¬4): في توجيه هذه المعاني
فوجه القول الأوّل: ما تقدَّمَ من الآثار الصِّحاحِ (¬5).
ووجه القول الثّاني: أنّ هذه الحال يحدثُ فيها أسباب الوفاة، فشرعَ فيها التَّوجيه إلى (¬6) القِبلَة على شقِّه الأيمن، فإن لم يقدر فعلى ظهره ورِجلَاه إلى القِبْلَة.
ووجه ذلك: أنّ هذه صفات استقبال القِبْلَة كما يستقبلها في الصّلاة.
قال الإمام (¬7): فهذا ثبتَ هذا، فإنّما يكون التوجيه عند المُعَايَنَةِ بإحداد البَصَرِ وإِشخَاصِه.
الثّاني: التّلقبن
وهو مستحبٌّ لقوله: "لَقِّنَوا مَوْتَاكُمْ لَا إِلَهَ إلَّا الله" (¬8) والتّلقينُ (¬9) مأخوذٌ من لقن
¬__________
(¬1) من هنا إلى آخر المسألة مقتبس من المنتقى: 2/ 26 بتصرُّف.
(¬2) تتمة الكلام كما في المنتقى: "ليكن مضجعي ما كنت بين أظهركم".
(¬3) أي قول سعيد بن المسيَّب.
(¬4) هذه المسألة مقتبسة من المنتقى: 2/ 26.
(¬5) هذه الآثار الّتي لم يذكر في شيء منها التوجيه، بل الظّاهر منها عدم التوجيه.
(¬6) الظّاهر أنّ ثمة سقط في هذا الموضع نرى من المستحسن إثباته في الهامش حتّى تسقيم العبارة وتتضح الفكرة. يقول الإمام الباجي: " ... فشرع فيها التوجيه كالحمل والدفن. فرع: فهذا قلنا: بالتّوجيه فقد روى ابن القاسم وابن وهب عن مالك أنّه ينبغي أنّ يوتجه إلى القبلة على شقه ... ".
(¬7) الكلام موصول للإمام الباجي.
(¬8) سبق تخريجه.
(¬9) من هنا إلى قوله: "بيانه في كتاب الحجّ" من إنشاء المؤلِّف. وانظر التاج والإكليل: 2/ 238.