الثّالثة (¬1):
قوله: "لَيسَ مِنَّا مَنْ حَلَقَ، وَسَلَقَ، وَضَرَبَ الخُدُودَ، وَشَقَّ الْجُيُوبَ، وَدَعَا بِدَعوَةِ الجاهِليَّةِ" قوله: "لَيْسَ مِنَّا" يعني على ديننا، يريد أنَّه قد خرج على (¬2) فرع من فروع الدِّين، وإن كان معه أَصْله، هذا معناه.
الرّابعة (¬3):
قوله (¬4): "أَرْبَعٌ في أُمَّتِي مِنْ أُمُورِ (¬5) الجْاهِلِيَّةِ" يعني أنّها معاصٍ وذنوب يأتونها مع اعتقادهم بأنّها حرامٌ، وهكذا جميع المعاصي تُوجبُ اسم الفسوق وحقيقته، ولا توجب حقيقة الكفر، وقد يطلق عليها (¬6) اسم الكفر، وقد روى مسلم (¬7): "اثنتانِ في النّاس هُمَا كُفْرٌ: الطَّعنُ في النَّسَب، وَالنِّيَاحَةُ عَلَى المَيِّتِ" ومعنى تشبيههما بالكُفْرِ أنهما من أفعال الكُفْر.
الخامسة:
قوله: "الطَّعنُ في الأَنْسَابِ" وهو أمرٌ لم يزل النّاس عليه، والجُهَّال على ذلك من التّفَاخُر بالأَحْسَاب، وقد أبَطلَ اللهُ ذلك كلّه بقوله: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} (¬8).
السّادسة (¬9):
هذه أخبار الغيب الّتي لا يعلمها إلّا الأنبياء (¬10)، فإنّه أخبرَ بما يكون قبل أنّ يكون، فصدق ذلك كلّه، وظهر حقًّا لا مراءَ فيه.
¬__________
(¬1) انظرها بن العارضة: 4/ 221.
(¬2) غ: "قد فرع من"، جـ: "قد نزع من" والمثبت من العارضة.
(¬3) انظرها في العارضة: 4/ 221 - 222.
(¬4) أي قوله - صلّى الله عليه وسلم - في حديث التّرمذيّ (1002) عن أبي هريرة.
(¬5) في الجامع الكبير: "أمر".
(¬6) غ، جـ: "هي" والمثبت من العارضة.
(¬7) في صحيحه (67) من حديث أبي هريرة.
(¬8) الحجرات: 13.
(¬9) انظرها بن العارضة: 4/ 222.
(¬10) غ: "الأنبياء والأولياء".