كتاب المسالك في شرح موطأ مالك (اسم الجزء: 3)

ركَنَّا إلى الدّنيا الدَّنية بعدَه (¬1) ... وكَشَّفَتِ الأطماعُ منّا المسَاوِيَا
حديث مالك (¬2)، عَن رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْج النَّبِيِّ - صلّى الله عليه وسلم - أَن رَسُولَ الله - صلّى الله عليه وسلم - قَالَ: "مَنْ أَصَابَتْهُ مُصِيبةٌ فَقَالَ كَمَا أَمَرَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} (¬3) اللَّهُمَّ أَجرني في مُصِيبَتِي، وَأعقِبِني خَيرًا مِنْهَا، إلَّا أَعْقَبَهُ اللهُ خَيرًا مِنْهَا" فَقَالَت أُمَّ سَلَمَةَ: فَلَمَّا تُوُفَّيَ أَبُو سَلَمَةَ قُمتُ ذَلِكَ، ثُمَّ قُلتُ: وَمَن خَيرٌ مِنْ أَبِي سَلَمَة؟ فَأعقَبَهَا اللهُ رَسُولَهُ فَتزوَّجَهَا.
الإسناد:
قال الإمام: هذا حديثٌ مُرسَلٌ، ويُسْنَدُ من طرق صحاح (¬4)، وقد خرّجه الأيمة مسلم (¬5) والبخاري (¬6)، والحديث صحيحٌ له طُرقٌ كثيرةٌ.
وفيه ثلاث فوائد:
الفائدةُ الأولى (¬7):
في هذا الحديث تعليم (¬8) ما يقالُ عند المصيبة، وهو قولٌ ينبغي لمن أصيب بمصيبة في مالٍ أو جسمٍ (¬9) أنّ يقتصرَ على ذلك، وعليه أنّ يفزعَ إليه تَأَسِّيًا بكتاب الله وسُنَّةِ رسولِهِ.
الفائدةُ الثّانية (¬10):
قوله: "إِلَّا فَعَلَ اللهُ ذَلِكَ بِهِ" أي آجَرَهُ في مُصِيبَتِهِ وأَعْقَبَهُ منها الخيرَ، كما قال: {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا} (¬11).
¬__________
(¬1) في الأنوار: "ضِلَّةً".
(¬2) في الموطّأ (635) رواية يحيى.
(¬3) البقرة: 156.
(¬4) انظرها في التمهد: 3/ 181.
(¬5) في صحيحه (918).
(¬6) لم نجده في صحيح البخاريّ.
(¬7) هذه الفائدةُ مقتبسة من الاستذكار: 8/ 338.
(¬8) "تعليم" زيادة من الاستذكار.
(¬9) في الاستذكار: "حميم".
(¬10) هذه الفائدةُ مقتبسة من الاستذكار: 8/ 338.
(¬11) النمل:89.

الصفحة 585