بمفاتيح خزائن الأرض، فاختار الآخرة ولم يرض بالدُّنيا، وقال: "ما عند الله خيرٌ وأَبْقَى".
حديث مَالِك (¬1)، عَن نَافِعٍ عَنْ عَندِ اللهِ بْنِ عُمَرَ؛ إنَّ رَسُولَ اللهِ - صلّى الله عليه وسلم - قَالَ: "إِنَّ أَحَدَكُم إِذَا مَاتَ عُرِضَ عَلَيهِ مَقعَدُهُ بالْغَدَاةِ وَالعَشِيِّ، إِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَمِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَإنْ كَانَ مِنْ أَهلِ النَّارِ فَمِنَ أَهْلِ النَّارِ، يُقَالَ لَهُ: هَذَا مَقْعَدُكَ حَتَّى يَبْعثَكَ اللهُ إِلَى يَومِ القِيَامَةِ".
الإسناد (¬2):
قال الإمام: هكذا قال يحيى في هذا الحديث: "حَتَّى يَبعَثَكَ اللهُ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ" وهو معنى مفهوم على وجه التّفسير والبيان لـ "حتّى يبعثكَ الله".
وروى القَعنَبِيّ في "موطّئه" (¬3): "حَتَّى يَبعَثَكَ اللهُ يَومَ الْقِيَامَةِ" وهذا أبين وأوضَح من أنّ يحتاج فيه إلى قول.
وفي رواية ابن القاسم (¬4): "حَتَّى يَبعَثكَ اللهُ إِلَيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ" وهذا أيضًا بيِّنٌ، يريد: حتّى يبعثك الله إلى ذلك المقعد وإليه تفسير، وهو عندي أَشْبَه.
وكذلك رواه ابن بُكَيْر، والصّحيح في "مسلم" (¬5) و"البخاريّ" (¬6) وانفرد ابنُ بكير بقوله: "حَتَّى يَبعَثَكَ اللهُ" ولم يزد.
ذكر الفوائد المنثورة في هذا الحديث:
وهي خمس فوائد:
الفائدةُ الأولى (¬7):
قوله: "إِنَّ أَحَدَكُم إِذَا مَاتَ عُرِضَ عَلَيْهِ مَقْعَدُهُ" هذا لا يكون حقيقة إلَّا على حيٍّ؛ لأنّه يُخَاطَب، فيقال له: "ما علمك فهذا الرّجل" الحديث (¬8)، وهذا بَيِّنٌ.
¬__________
(¬1) في الموطّأ (641) رواية يحيى.
(¬2) كلامه في الإسناد مقتبس من الاستذكار: 8/ 348.
(¬3) كما في مسند الموطّأ للجوهري (656).
(¬4) كما في ملخص القابسي (207)، وسنن النسائي: 4/ 107، والكبرى (2199).
(¬5) في صحيحه (2866).
(¬6) في صحيحه (1379، 3240، 6515).
(¬7) هذه الفائدةُ منتقاة من المنتقي: 2/ 30 - 31.
(¬8) أخرجه البخاريّ (1338)، ومسلم (2870) من حديث أنس.