كتاب المسالك في شرح موطأ مالك (اسم الجزء: 3)

تفصيل:
أمّا في النّهار، فكثرةُ السُّجود أفضلُ، لحديث أم هانئ (¬1). وأمّا اللّيل، فطُولُ القيام أفضل، لما رُوِيَ فيه من فِعْلِهِ - صلّى الله عليه وسلم -.
فقه:
اختلف العلماء في العدد الّذي يجمع من الرَّكَعات في صلاة النّافلة على قولين: القولُ الأوّل - قال مالكٌ: لا يُجْمَعُ في النّوافل أكثر من اثنتين (¬2)، لقوله - صلّى الله عليه وسلم -: "مَثْنَى مَثْنَى".
الثّاني - قال أبو حنيفة (¬3): يُصَلِّي ما شاءَ أرْبَعًا، أو خَمْسًا, أو ثمانيًا، ولا يزيد على الثّمان.
والحُجَّةُ فيما (¬4) اعتمد عليه مالكٌ - رحمه الله -: الحديث الّذي صَدَّرَ به هذا الباب، ومصاحبة العمل له وغير ذلك.
واحتجَّ المخالفُ أبو حنيفة بحديث أمّ هانئ، وحديث عائشة؛ قالت: كان يُصَلَّي الضُّحَى أرْبعًا (¬5). وحملَ مالكٌ ذلك على أنّه كان يُسَلَّم من كلِّ ركعتين، وليس في الأحاديث بأنّه لم يسلِّم.
تنبيه على وهم (¬6):
قال الإمام: رَوَى الرُّوَاةُ فيه: "صَلاةُ اللَّيلِ مَثْنَى مَثْنَى" وهو وَهْمٌ قبيحٌ، وإنمّا الصّحيح الثّابت؛ أنّ كلَّ صلاةٍ رُوِيت عن النّبيِّ - صلّى الله عليه وسلم - في النّهار، إنّما هي مَثْنَى شَفْع، وكلُّ صلاةٍ رُوِيَت عنه باللّيل (¬7) فإنمّا عقبها الوِتْر.
قال علماؤنا: فإذا ثبت هذا، فإن الوِتْر سُنَّةٌ غير مفروض، وفي فعله ثوابٌ تفضَّلَ الله به على عباده، في تركه عقاب، إنّ شاء ربّه أنّ يعاقبه، وإن ئساء غفر له برحمته.
¬__________
(¬1) أخرجه البخاريّ (1176)، ومسلم (336) من حديث عبد الرحمن بن أبي ليلى.
(¬2) انظر التلقين: 38، والإشراف: 1/ 106 (ط. تونس).
(¬3) انظر مختصر الطحاوي: 36، والمبسوط: 1/ 158.
(¬4) م: "لما".
(¬5) أخرجه مسلم (719).
(¬6) انظره في القبس: 1/ 295.
(¬7) في القبس: "وتر فرد".

الصفحة 6