كتاب المسالك في شرح موطأ مالك (اسم الجزء: 3)

ضعيفةٌ؛ (¬1) لأنّه قد صلّى جابر (¬2) في ثَوْبٍ واحدِ اتَّزرَ بِهِ وثيابُه على المِشْجَبِ، وقال لمن أنكر عليه: "إنمَّا فعلتُ ذلك لِيَرَانِي أَحْمَقُ مِثْلُكَ" (¬3).
فعلى (¬4) قول أبى الفَرَجِ؛ إنّ ستر العورة فرضٌ من فروض الصّلاة (¬5)، وبه قال أبو حنيفة (¬6)، والشّافعىّ (¬7).
وقال إسماعيل القاضي: إنّها من سُنَنِ الصّلاة، وبه قال ابن بُكَيْر والأبْهَرِيّ.
المسألة الثّانية (¬8): في التوجيه
فائدة الخلاف في ذلك؛ أنّا إذا قلنا: إنّها من فروض الصّلاة، بطلت بعدم ذلك. وإذا قلنا: إنّها ليست من فروض الصّلاة، أَثِمَ التّاركُ ولم تبطل.
ووجه القول الأوّل: الحديث المروي عن النّبيِّ - صلّى الله عليه وسلم - أنَّه قال: "لا يَقبَلُ اللهُ صلاة حائضِ إلَّا بِخِمَارٍ" (¬9).
ومن جهة القياس: أنّ هذه عبادة من شرطها الطّهارة (¬10)، فوجب أن يكون من شرطها ستر العورة، كالطواف بالبيت عريانًا، والصحيح أنّه فرض إسلاميّ جاء به صاحب الشَّرعِ.
¬__________
(¬1) يحتاج الأمر إلى توضيح، وخيرُ مَنْ تكلم في المسألة الإمام المازري حيث في الّذي شرح التلقين: 2/ 473 " وذكر أبو الفَرَج أنّ لمالك في الواجب من اللباس للصلاة كلامين: أحدهما ما يدلُّ على وجوبه، وهو قوله في المكفر عن يمينه: إنّه يكسو للرجل ثوبًا وللمرأة درعًا وخمارًا، وذلك أدنى ما يجزىء في الصّلاة ... والكلام الثّاني الموهم أنّه سنّة قوله في الحرة: تصلّي بادبة الصدر أو الشعر، أنّها تعيد في الوقت. قال [أبو الفَرَج]: وبما دلّ عليه قوله من الوجوب أقول. [قال المازري]: وحمل بعض أشياخي هذا الّذي نقلناه عن أبي الفرج على أنّ الواجب ستر جميع البدن على حسب ما فصله مالك".
(¬2) في النُّسَخِ: "ثابت" والمثبت من القبس.
(¬3) أخرجه البخاريّ (352)، ومسلم (3008) من حديث محمد بن المُنْكَدِر.
(¬4) من هنا إلى آخر المسألة مقتبس من المنتقى: 1/ 247، وهو المسألة الأولى.
(¬5) انظر عيون الأدلة: لوحة 169/ أ - ب ومختصرة عيون المجالس: 1/ 307، وعقد الجواهر الثمينة: 1/ 115 (ط. لحمر)، والذخيرة: 2/ 102.
(¬6) انظر المبسوط: 1/ 187.
(¬7) في الأم: 2/ 88، وانظر الحاوي الكبير: 2/ 165.
(¬8) هذه المسألة مقتبسة من المنتقى: 1/ 247 بتصرُّف.
(¬9) أخرجه أحمد: 6/ 218، وأبو داود (641)، وابن ماجه (655)، والترمذي (377) وقال: "حديث حَسَنٌ"، وابن الجارود (173)، وابن خزيمة (775)، وابن حبان (1711) ,. والحاكم: 1/ 251 وصححه، والبيهقي: 2/ 233 كلهم من حديث عائشة.
(¬10) ولها تعلق بالنية.

الصفحة 60