ذلك فنزلت الآية: {أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} (¬1) فقال: "هُمْ على الفِطْرَةِ"، وقال: "هُمْ في الجَنَّةِ" (¬2).
ومن حديث أنس قال: قال رسول الله - صلّى الله عليه وسلم -: "سألتُ ربِّي عن اللّاهِينَ من ذُرِّية البَشَر ألَّا يعذبهم، فَأَعْطَانيهم" (¬3).
قال الإمام (¬4): قيل للأطفال: اللّاهِينَ؛ لأنّ أعمالهم كاللَّهوِ واللَّعِب مع غير عقد ولا قَصْدِ (¬5)، من قولهم: لهيت عن الشّيء، أي لم أعتمده، كقوله: {لَاهِيَةً قُلُوبُهُمْ} الآية (¬6).
وقال قوم (¬7): هم في الجنَّة.
وقال آخرون: يُمْتَحَنُون في الآخرة، وتعلّقوا (¬8) بحديث أَنَس وأبي سعيد الخُدْريّ، قال: قال رسولُ الله - صلّى الله عليه وسلم - في الهالك في الفَتْرَةِ والمَعْتُوهِ والمولود، قال: "يقال لهم: ما أنتم؟ فيقول الهالك في الفترة: لم يأتني كتابٌ ولا رسولٌ، ثمّ تَلَا، قوله: {وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْنَاهُمْ بِعَذَابٍ مِنْ قَبْلِهِ} الآية (¬9). ويقوله المعتوه: ياربّ، لم تجعل لي عَقْلًا أعقلُ به لا خيرَا ولا شرَّا. ويقول المولود: يا ربّ، لم أُدْرِك العقل والعملَ، قال: فَتُرْفَعُ لهم نارٌ، ويقال لهم: ردوها وادخلوها" (¬10)، قال: فيردها ويدخلها كلّ مَنْ كان في عِلْم الله سعيدًا، ويمسك عنها من كان في عِلْمِ الله شَقِيًّا لو أدرك العملَ" قال: "يقول الله عَزَّ وَجَلَّ: إيَايَ عَصَيْتُمْ، فكيف برُسُلِي لَوْ أَتَتكمْ" (¬11).
¬__________
(¬1) النجم: 38.
(¬2) أخرجه ابن سعد في الطبقات: 7/ 84. وابن عبد البرّ في التمهيد: 18/ 117.
(¬3) أخرجه أبو يعلى (4101، 4102)، وابن عبد البرّ في المصدر السابق.
(¬4) النقل موصولٌ من الاستذكار.
(¬5) في الاستذكار: "ولا عزم ".
(¬6) الأنبياء: 3.
(¬7) "قوم" زيادة يقتضيها السياق.
(¬8) غ، جـ: "وتعلق" ولعلّ الصّواب ما أثبتناه.
(¬9) طه: 134.
(¬10) عند البزار: "أو ادخلوها".
(¬11) أخرجه البزّار كما في الكشف (2176) والطّبريّ في تفسيره: 16/ 219 (ط. هجر).