كتاب المسالك في شرح موطأ مالك (اسم الجزء: 3)

الفائدة السادسة (¬1):
قوله (¬2): "مَنْ هَذ؟ " يحتمل أنَّه لم يعرفها بنطقها بالسّلام. وقد استدلَّ بهذا من زعم أنّ شهادةَ الأعمى لا تجوز؛ لأنّ (¬3) الأصوات لا يقع التّمييز بها. وهذا ليس فيه تعلّق؛ لأنّ من يجيزُ ذلك لا يقول: إنّ كلّ من سمع متكلَّمًا يميِّز صوته، ولكنّه يقول: إنّ منها ما يقع التّمييز به.
الفائدة السّابعة (¬4):
فيه: التّرحيب بالزّائر (¬5)، وما كان عليه رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - من الأخلاق الجميلة الحسنة، وصِلَةِ الرَّحِمِ، وطِيب الكلام، ألَّا ترى إلى قوله: "مَرْحَبًا يا أمَّ هانئ". ويروى" مرحبًا بأمِّ هانئ" (¬6). والتّرحيب والابتهال (¬7) ممّا يستدلُّ به على فرح المزُورِ بالزّائر، وفرح المقصود إليه بالقَاصِد، وهذا معلومٌ عند العرب، قال شاعرهم في ذلك وهو عمرو بن الأهتم (¬8):
فقلت له (¬9) أَهْلًا وَسَهلًا وَمرحبًا ... فهذا مَبِيتٌ (¬10) صَالحٌ وَصَدِيقٌ
الفائدة الثّامنة (¬11): "زَعَمَ ابْنُ أُمِّي عَليٌّ أَنَّهُ قَاتِلٌ رَجُلًا أَجَرْتُهُ" (¬12)
فيه من الفقه: ما كانوا عليه من تسمية كلِّ شقيق (¬13) بابن أُمّ، دون ابن أَبٍ عند
¬__________
(¬1) هذه الفائدة مقتبسة من المنتقى: 1/ 271.
(¬2) أي قوله - صلّى الله عليه وسلم - في حديث الموطَّأ (416) رواية يحيى.
(¬3) غ، والمنتقى: "لا تجوز على أنّ".
(¬4) هذه الفائدة مقتبسة من الاستذكار: 6/ 138.
(¬5) هذا الاستنباط لم يرد في الاستذكار، وقد ورد بنصِّه في تفسير الموطَّأ للبوني، ولعلّ المؤلِّف نقله منه.
(¬6) وهي رواية يحيى بن يحيى (416).
(¬7) كذا في النُّسَخ، وفي الاستذكار:"والرّحب والتسهيل".
(¬8) أورده ابن عبد البر في بهجة المجالس: 1/ 300، والبيت من قصيدة طويلة لعمرو بن الأهتمّ في المفضليات: 1/ 123 - 125، برواية: "فهذا صرح راهن وصديق". كما أورده أيضًا الجاحظ في البيان والتبببن: 1/ 11.
(¬9) في النُّسخ: "لها" والمثبت من بهجة المجالس، والاستذكار.
(¬10) في النُّسخ: "نسيب" والمثبت من المصدرين السابقين.
(¬11) هذه الفائدة مقتبسة من الاستذكار: 6/ 140.
(¬12) هو قول أم هانئ في الموطَّأ (416) رواية يحيي.
(¬13) في النُّسَخِ: "نفس" والمثبت من الاستذكار.

الصفحة 92