كتاب المسالك في شرح موطأ مالك (اسم الجزء: 3)

الدُّعاء لهم والخَبَرِ عنهم، ليدلُّوا بذلك على قُرْبِ المحلِّ من القلب، والمنزلة من النّفس، إذا جَمَعَهُنم بطنٌ واحدٌ، وبهذا نطقَ القرآنُ على لغتهم، قال الله تعالى حاكيًا عن هارون أخي موسى: {قَالَ يَبْنَؤُمَّ} (¬1).
الفائدة التّاسعة (¬2):
قوله (¬3): "صَلَّى حينَ طلعتِ الشّمْسُ (¬4) ثمانِ رَكَعَاتٍ" يريد بذلك انّها صلاة نافلة (¬5)، ولم يبيِّن ذلك في الحديث. وليست (¬6) صلاة الضُّحى من الصّلوات المحصورة بالعدد فلا يزاد عليها ولا ينقص منها, ولكنّها من الرّغائبِ الّتي يفعلُ الإنسانُ منها ما أمكنه. وإن قصدَ بذلك التَّأسَّي بالنّبيِّ - صلّى الله عليه وسلم - فليصلّها (¬7) ثمان ركعات من غير أنّ يجعل ذلك حدًّا ولا (¬8) بأس به.
وليس في الحديث ما يدلُّ أنّه يسلِّم من كلِّ ركعتين، ولا أنّه صلّاها بإحرامٍ واحدٍ، وإنّما قَصَدَت إلى ذِكْرِ عدد الرَّكعاتِ. وقد رَوَى ابن وَهْب في حديث أمِّ هانئ أنّه سلَّم من ركعتين (¬9).
الفائدة العاشرة (¬10): في وقتها
وذلك أنّ صلاته كانت إذا أشرقت الشّمسُ وأّثَّرَ حرُّها على الأرض، والجُهَّالُ يصلُّونها عند طلوع الشّمس (¬11)، وليس ذلك وقتها، وإنّما وقتها إذا طلعت مقدار ثلاثة أعصية (¬12).
¬__________
(¬1) طه: 94.
(¬2) هذه الفائدة مقتبسة من المنتقى: 1/ 271.
(¬3) أي قول أبي مرّة عن أم هانئ في حديث الموطَّأ (415) رواية يحيى.
(¬4) كذا بالنُّسَخ، والصواب كما في الموطَّأ: "صلَّى عام الفتح ".
(¬5) في المنتقى: "تريد [أي أم هانئ] أنّه صلّاها نافلة".
(¬6) في النُّسْخِ: " وليس" والمثبت من المنتقى.
(¬7) " فليصلّهاَ" زيادة من المنتقى يلتئم بها الكلام.
(¬8) في النُّسَخِ: "فلا" والمثبت من المننقى.
(¬9) انظر الاستذكار: 6/ 136.
(¬10) انظر العارصة: 2/ 260 - 261.
(¬11) يقول المؤلِّف في العارضة: "بخلاف ما تصنِع الغفلة اليوم بصلاتها عند طلوع الشّمس، بل يزيد الجاهلون بجهلهم فيصلّونها وهي لم تطلع قّدْر رُمْحٍ ولا رُمحَيْن، يعتمدون بجهلهم وقت النّهي بإجماع".
(¬12) كذا.

الصفحة 93