كتاب المسالك في شرح موطأ مالك (اسم الجزء: 4)

ومجيء السَّاعِي في الماشية، ولا يشترط في المعدِن.
قال علماؤنا: وليس من شرطها الإسلام؛ لأنّه ليس في مذهب مالكٌ خلافٌ أنّ الكُفَّارَ مخاطَبُونَ بفروع الشَرِّيعةِ (¬1)، وليس من شَرْطِها البُلوغ والعقل؛ لأنّه لا خلافَ بين المالكيّة أنّها تجب على الصَّبِيِّ والمجنون.
وأمّا الحريّة، فأجمعتِ الأُمَّةُ عليها، حتّى نشأَ بعض المبتدعة (¬2)، فقال: إنّ العبدَ تجبُ عليه الزكّاة.
قلنا: وإن كان العبدُ عندنا يملكُ، فإنّه ليس بملكٍ مُسْتَقِرٍّ، فإنَّ لسَيِّدِهِ بَيْعه إنّ شاءَ في كلِّ يومٍ، فلم تثبت له قَدَمٌ في الاستقرارِ، فكيف أنّ يمرّ عليه الحول؟
فإن قيل: كما لم يثبت له قَدَمٌ في الاستقرار، ويطأ جواريه عندكم، كذلك يؤدّي الزكاةَ، فإنّ إباحة الفَرْجِ أعظم.
الجواب إنا نقول: قِفْ، ليس هذا من كلامك المخالف لنا، ليس هو (¬3) من أهل القياس، فلا يمكنه (¬4) أنّ يَدخل معكم فَيُشَغِّب عليكم، وارجعوا معه (¬5) إلى الأصل فيه.
وأمّا المكاتَبُ، فإنّه مستغرق المال بحقِّ (¬6) السَّيِّد من الكتَابَةِ، ولهذا قلنا: إنّ المديان يقَدْرِ النِّصاب لا زكاةَ عليه.
وأمّا الحول ومجيء السّاعي، فأصلُ ذلك: بعث النّبيِّ - صلّى الله عليه وسلم - المصدّقين على رأس العام، وجعل العلّماء التَّقدِير على الماشية بالنَّظَرِ، وذلك أنّه مالٌ يُعْتبَرُ فيه النِّصاب فاعتبر فيه الحَوْل، وليس فيه أَثَرٌ يُلْتَفَتُ إليه، فلا تشغلوا به بالًا.
¬__________
(¬1) انظر المحصول في علم الأصول للمؤلِّف: 4/ أ.
(¬2) ذكر ابن قدامة في الشرح الكبير: 6/ 300 أنّه رُوِيَ عن عطاء وأبي ثور إيجاب الزكاة على العبد. وذكر ابن الجدّ في أحكام الزكاة: 4/ أأنّ ابن كنانة من المالكية كان يرى أنّ العبد لا يملك وإنّما ماله ملك سيّده، فتجب الزّكاة على ملك سيده.
(¬3) جـ: "هذا".
(¬4) جـ: "يمكننا" وفي القبس: "تمكنوه".
(¬5) جـ: "معنا".
(¬6) في القبس: "لحق".

الصفحة 12