قال الإمام (¬1): والأوّل أكثر وأشهر عند أهل اللُّغة، قال الحُطَيْئَة (¬2):
ونَحْنُ ثَلاَثَةٌ وثَلاَثُ ذَوْدٍ ... وَقَدْ جَارَ الزَّمَانُ عَلَى عيالي
أي مالَ عليهم.
والأكثرُ عند أهل اللُّغة أنّ الذَّوْدَ من الثلاثة إلى العشرة.
قال أبو حاتم (¬3): وتركوا القياس في الجمع فقالوا: ثلاث ذَوْدٍ لثلاث من الإبل، ولأربع ذَوْدٍ وعشر ذَوْد، كما قالوا: ثلاث مئة وأربع مئة على غير القياس، والقياسُ: ثلاث مئين ومئات، ولا يكاد يقولون ذلك.
تنبيه على وهم (¬4):
قال ابن قُيَيْبَة: ذهب قومٌ إلى أنّ الذَّوْدَ واحدٌ، وذهب آخرون إلى أنَّ الذَّوْدَ جمعٌ. واختار ابنُ قُتَيْبة قول من قال: إنّه جمع، واحتجَّ له بأنّه لا يقالُ: خمس ذَوْد، كما لا يقال: خمس ثوب.
قال الشّيخ أبو عمر (¬5): "ليس قوله -أعني ابن قُتَيْبة - بشيءٍ؛ لأنّه لا يقالُ: خمس ثوب ولا خمس ذود، وقد كان بعض الأشياخ لا يرويه إلَّا خمس ذَوْدٍ على التّنوين لا على الإضافة، وعلى هذا يصحُّ ما قاله أهل اللُّغة".
المسألة الثّالثة (¬6): قوله: "صَدَقَة"
قال علماؤنا (¬7): الصَّدقةُ المذكورة في حديث أبي سعيدٍ الخدريِّ وغيره في هذا الباب، هي الزّكاة المعروفة، وهي الصَّدَقَة المفروضة، سمّاها اللهُ صَدَقَة، وسماها زَكَاة، فقال: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ} الآية (¬8)، وقال: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ} الآية (¬9)،
¬__________
(¬1) النّقْلُ موصول من الاستذكار.
(¬2) البيت في ديوانه: 395.
(¬3) هو أبو حاتم السجستاني (ت.255) العالم اللغوي المشهور.
(¬4) هذا الوهم مقتبس من الاستذكار: 9/ 17.
(¬5) في الاستذكار: 9/ 13 - 14.
(¬6) الفقرة الأولى من هذه المسألة مقتبة من الاستذكار: 9/ 14، وانظر التمهيد: 20/ 137.
(¬7) المقصود هو الإمام ابن عبد البرّ.
(¬8) التوبة: 103.
(¬9) التوبة: 60.