كتاب المسالك في شرح موطأ مالك (اسم الجزء: 4)

يعني الزّكاة، وهذا ما لا تنَازُعُ فيه، والحمدُ لله.
وقد قال أبو حنيفة: المراد بقوله - صلّى الله عليه وسلم -: "ليس على المسلم في عَبْدِهِ ولا فَرَسِهِ صَدَقَةٌ" (¬1) المراد به ما يقتنيه وما لا يتَّجِر فيه.
المسألة الرّابعة (¬2):
قال علماؤنا (¬3): في هذا الحديث دليلٌ على أنّ ما كان دون خمس من الإبل لا زكاةَ فيه، وهذا إجماع من العلّماء. فأفادنا قوله: "لَيْسَ فيمَا دُونَ خَمسِ ذَوْدٍ صَدَقَةٌ" فائدتين.
إحداهما: إيجاب الزَّكاةِ في الخَمْسِ فما فوقها.
ونفي الزكاة عما دُونَها.
ولا خلاف في ذلك، فهذا بلغت خمسًا ففيها شاةٌ، واسمُ الشَّاةِ يقعُ على واحدة من الغَنَم، والغَنَمُ: الضَّأنُ والمعزُ، وهذا أيضًا اجماعٌ من العلّماء أنّه ليس في خمسٍ من الإبِلِ إلَّا شاة واحدة، وهي فريضَتُها إلى تسعٍ (¬4)، فإذا بلغتِ الإبلُ عشرًا ففيها شاتان، وسيأتي القولُ عليها في زكاة الإبِلِ مبسوطًا في "باب صَدَقَةِ الماشية".
المسألة الخامسة (¬5):
قوله -عليه السّلام-:"لَيْسَ فيما دُونَ خَمْسِ أَوَاقٍ مِنَ الوَرِقِ صَدَقَةٌ". قال الإمام: وهذا أيضًا إجماع من العلّماء وفيه معنيان:
أحدهما: نفي الزّكاة عما دون خمس أَوَاقٍ.
الثّاني: إيجابُها في ذلك المقدار، وفيما زاد عليه بحسابه (¬6)، هذا ما يُوجِبُه الظّاهر من النَّصِّ (¬7).
¬__________
(¬1) أخرجه البخاريّ (1464)، ومسلم (982) من حديث أبي هريرة.
(¬2) هذه المسألة مقتبسة من الاستذكار: 9/ 14 - 15، وانظر التمهيد: 20/ 137.
(¬3) المقصود هو الإمام ابن عبد البرّ.
(¬4) "إلى تسع" ليست من الاستذكار.
(¬5) هذه المسألة مقتبسة من المنتقى: 9/ 15، أو التمهيد: 20/ 143.
(¬6) في الاستذكار: "بحسابها".
(¬7) في العبارة اختصار أخل بالمعنى، والعبارة كاملة كما هي في التمهيد: "هذا ما يوجبه ظاهر هذا الحديث =

الصفحة 19