كتاب المسالك في شرح موطأ مالك (اسم الجزء: 4)

ووجه ذلك: أنّه مستعملٌ مباحٌ، لما رُوِيَ في الحديث؛ أنّ رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - قال لأحد أصحابه: اتَّخِذ أَنْفًا من ذَهَبٍ (¬1).
المسألة السّادسة (¬2):
وأمّا آنية الذّهب والفضّة، فلا يجوز استعمالهما، وقال عبد الوهّاب: لا يجوز اتخاذهما (¬3)، وقال ابن الجلّاب: اقتناؤهما حرام (¬4)، وقال الشّافعيّ (¬5): يجوز اتخاذهما ولا يجوز استعمالهما، ومسائلُ أصحابنا تقتضي ذلك؛ لأنّهم يجيزون بيع آنية الذّهب والفضّة في غير ما مسألة من "المدوّنة" (¬6) وَلو لم يجز اتّخاذها لفسخ البيع.
واستدل عبد الوهّاب بأنّ ما لا يجوز استعماله لا يجوز اتخاذه كالخمر والخنزير (¬7).
المسألة السابعة (¬8):
فإذا ثبت هذا، فما لا يجوز اتخاذه ففيه الزّكاة، وقال ابن شعيان: تكسر الآنية من ذلك، وما يجوز استعماله فلا زكاةَ فيه.
المسألة الثّامنة (¬9):
سُئِلَ ابن عبّاس عن العنبر هل فيه الزكاة؟ فقال ابن عبَّاس: إنّ كان فيه شيء ففيه الخُمُس (¬10).
قال الإمام: لما قال الله: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً} (¬11) وأعلمهم النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - أنّها
¬__________
(¬1) أخرجه أبو داود (4232)، والترمذي (1770)، والنسائي: 8/ 163.
(¬2) هذه المسألة مقتبسة من المنتقى: 2/ 108.
(¬3) عبارة القاضي عبد الوهّاب في الإشراف: 1/ 177 (ط. تونس) هي كما يلي: "أواني الذّهب والفضّة المحرّم استعمالها لا يجوز اتخاذها وإن لم تستعمل".
(¬4) عبارة ابن الجلّاب في التفريع: 1/ 280: "وتجب الزكاة في أواني الذهب والفضة، واقتناؤها مُحَرَّمٌ".
(¬5) في الأم: 2/ 45 (ط. دار الفكر).
(¬6) 1/ 211 - 212.
(¬7) عبارة القاضي عبد الوهّاب في الإشراف: 1/ 177 " ... لأنّ ما لا يجوز استعماله من الأعيان المتخذة للاستعمال لا يجوز اتِّخاذه كالخمر والطبل والزمر".
(¬8) هذه المسألة مقتبسة من المنتقى: 2/ 108.
(¬9) هذه المسألة مقتبسة من الاستذكار: 9/ 78 - 79 بتصرُّف.
(¬10) أخرجه عبد الرزّاق (10122).
(¬11) التوبة: 103.

الصفحة 36