كتاب المسالك في شرح موطأ مالك (اسم الجزء: 4)

وقد قال النّبىّ - صلّى الله عليه وسلم -: "أفضلُ الدّعاءِ يومَ عَرَفَة" (¬1)، ونهى عن صيام يوم عَرَفَة بعَرَفَة (¬2)، وتخصيصُه بعَرَفَة دليل (¬3) على أنّ صومه بغير يوم عرفة (¬4) ليس كذلك، لهمَا تقدَّم من الحديث في فضله، ولما رَوَى الوليد بن مسلم، عن جابر، عن أبيه، عن عطاء، قال: "صيامُ يوم عَرَفَة كصيامِ (¬5) ألف يوم" (¬6).
المسألة الثَّانية (¬7):
قد بيّنا أنّ صومه (¬8) مرغّبٌ فيه لغير الحاجّ، والحاجُّ ممنوع من كلّ ما يمنع عنه الحجِّ (¬9)، وقال ابنُ وَهْب: فِطْرُ يوم عَرَفَةَ للحاجِّ أحَبُّ إلينا؛ لأنّه أقوي له (¬10). وقال أشهب: فِطرُهُ أفضل (¬11).
المسألة الثَّالثة (¬12):
قوله (¬13): "فأَرْسَلتُ إليه بِقَدَح لَبَن" خبر صحيحٌ، وقول المختلفين في حاله ليس (¬14)
¬__________
(¬1) أخرجه مالك في الموطَّأ (572، 1270) رواية يحيى، يقول ابن عبد البرّ في التمهيد: 6/ 39 "لا خلاف عن مالك في إرسال هذا الحديث ... ولا أحفظه بهذا الإسناد مُسْنَدًا من وجه يحتجّ بمثله" وانظر تلخيص الحبير (1044).
(¬2) أخرجه أحمد (9760)، وأبو داود (2440)، وابن ماجه (1732)، وابن خزيمة (2101) عن أبي هريرة بسند ضعيف.
(¬3) في الأصل: "قيل" والمثبت من الاستذكار.
(¬4) " عرفة" زيادة من الاستذكار يقتضيها السياق.
(¬5) في الاستذكار: "كصيام الدّهر".
(¬6) أخرجه بهذا اللفظ الفاكهي في أخبار مكّة: 5/ 28 (2766) كما أورده من هذا الطريق ابن عبد البرّ في التمهيد: 21/ 158.
(¬7) هذه المسألة مقتبسة من المنتقى: 2/ 306.
(¬8) أي صوم يوم عرفة.
(¬9) في الأصل: "الحاج " ولعلّ الصّواب ما أثبتناه، وعبارة الباجي في المنتقي: "ممنوع ما يُخافُ أنّ يُضعِفَه عمّا يحتاج إليه من الدّعاء المخصوص بعبادته ... فوجب أنّ يمتنع من كلّ ما يضعفه عن عبادته".
(¬10) أورده ابن أبي زيد في النوادر: 2/ 74.
(¬11) ورد في المصدر السابق.
(¬12) هذه المسألة مقتبسة بتصرّف من المنتقي: 2/ 306.
(¬13) أي قوله في حديث الموطَّأ (1099) رواية يحيى، عن مالك، عن أبي النّضر، عن عمير، عن أم الفَضْل.
(¬14) في الأصل: "فليس" ولعلّ الصّواب ما أثبتناه.

الصفحة 415