وقال الشّافعي: لا يُهْدَى إِلَّا الإناث (¬1).
ودليل مالك هذا الحديث، وهو نصٌّ في موضع الخلاف.
ومن جهة المعنى: أنّ هذا الهَدْيَ جهةٌ من جِهات القُرْب، فلم يختصّ بإناث الحيوان دون ذكورها، كالضّحايا والزّكاة والعِتْق في الكفّارات.
المسألة الثَّانية (¬2):
قولُه (¬3): "وَرَأَيْتُهُ" (¬4) في الْعُمْرَةِ يَنْحَرُ بَدَنَةً وهِيَ قَائِمَةٌ" يقتضي مسألتين:
إحداهما: مباشرة ذلك بنفسه (¬5).
والثَّانية: أنّ يَنْحَرَ البُدُنَ قيامًا.
وأمّا الألى في مباشرة ذلك بنفسه، فالأصل فيه ما رَوَى أنس أنّه قال: وَنَحَرَ رسولُ الله - صلّى الله عليه وسلم - بيده سَبعين بَدَنة قيامًا (¬6).
وأمّا الفائدةُ في نحرها قيامًا، فهو مذهب مالك وجمهور الفقهاء غير الحسن (¬7) فإنّه قال: ينحرُها باركةً، والأصلُ في ذلك: حديث أنس المتقدِّم؛ أنَّه (¬8) نَحَرَ بيده سبعين بَدَنَة.
قال الأَبْهَرِيُّ: إنّما كان ذلك في الإبل؛ لأنّه أمْكَنُ لما يَنْحَرُها أنّ يطعن في لَيَّتِها، وأمّا البقرُ والغنمُ الّتي سُنَّتها الذّبح، فإنّ أضجاعها أمكنُ لتناول ذَبحها، فالسُّنَّةُ أنّ تُضْجَع.
وروى محمّد (¬9)، عن مالك: أنّ الشَّأن أنّ تُنْحَرَ البُدُنُ قائمةً (¬10) قد صُفَّتْ يداها
¬__________
(¬1) قال الشّافعيّ: " والأنثى أحبُّ إليّ من الذّكَر؛ لأنّها أطيبُ لحمًا وأرطبُ" عن البيان في مذهب الإمام الشّافعيّ: 4/ 413، وانظر المجموع للنوري: 8/ 256.
(¬2) هذه المسألة مقتبسة من المنتقى: 2/ 309 - 310.
(¬3) أي قول عبد الله بن دينار في حديث الموطَّأ (1107) رواية يحيى.
(¬4) أي رأي عبد الله بن عمر.
(¬5) يقول البوني في شرحه للموطَّأ: 59/ أ " وفيه أنّ يلي الرّجلُ النّحر بنفسه؛ لأنّ ذلك من طاعة الله - عز وجل -، فالأولى أنّ يتولاها بنفسه، ولِمَا في ذلك من التّواضع وترك التكبّر".
(¬6) لم نقف عليه.
(¬7) هو الحسن البصريّ.
(¬8) أي النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم -.
(¬9) هو ابن الموّاز وانظر هذه الرِّواية في النوادر والزيادات: 2/ 448.
(¬10) في الأصل: "قيامًا البدن" والمثبت من المنتقى.