كتاب المسالك في شرح موطأ مالك (اسم الجزء: 4)

رسول الله - صلّى الله عليه وسلم -: "إنّما الأعمالُ بالنِّياتِ " (¬1) وقوله تعالى: {وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ} (¬2).
حديث مالك (¬3)، عن أبي الزِّناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة؛ أنّ رَسُولَ الله - صلّى الله عليه وسلم - رأَى رَجُلًا يَسُوقُ بَدَنَةً فقالَ: "ارْكَبْهَا" فقالَ: إنَّهَا بَدَنَةٌ، فقَالَ: "وَيْلَكَ " في الثَّانية أو الثَّالثة.
اختلف (¬4) العلّماءُ في ركوب الهَدْيِ الواجبِ (¬5).
فذهب أهل الظّاهر إلى ركوبه، وأنّ ذلك جائز من (¬6) ضرورة وغير ضرورة، وبعضهم أوجب ذلك لقول رسول الله - صلّى الله عليه وسلم -: "اركَبها".
وذهبت طائفة من أهل الحديث؛ أنّه لا بأس بركوب الهَدْي على ظاهر الحديث (¬7).
والَّذي ذهب إليه مالك (¬8) والشّافعىّ (¬9) وأبو حنيفة (¬10) وأصحابهم وأكثر عامة الفقهاء: كراهية ركوب الهَدْيِ من غير ضرورة.
وكذلك كَرِهَ مالك (¬11) شُربَ لَبَنِ البَدَنَة وإن كان بعد رِيِّ فَصِيلهَا، فإنْ فَعَلَ (¬12) فلا شىءَ عليه (¬13).
إكمال هذا الباب (¬14):
لم يختلف العلماء: أنّ النّاقة إذا قلّدت وهي حامل ثمّ ولدت، أنّ ولدها حُكْمُه
¬__________
(¬1) أخرجه البخاريّ (1) ومسلم (1907) عن عمر بن الخطّاب.
(¬2) الحجِّ: 37.
(¬3) في الموطّأ (1106) رواية يحيى.
(¬4) من هنا إلى آخر الباب مقتبس من الاستذكار: 12/ 253 - 254، 262.
(¬5) في الاستذكار بزيادة: "والتّطوّع".
(¬6) "من" زيادة من الاستذكار.
(¬7) انظر شرح البخاريّ لابن بطّال: 4/ 374.
(¬8) في المدونة: 1/ 356 في كتاب الحجِّ الثّالث.
(¬9) في الأم: 3/ 564 (ط. فوزي) وانظر البيان في مذهب الإمام الشّافعيّ للعمراني: 4/ 414.
(¬10) انظر: المبسوط: 4/ 144.
(¬11) في المدونة: 1/ 365 في كتاب الحجِّ الثّالث.
(¬12) في الأصل: "فضل" والمثبت من الاستذكار.
(¬13) يقول ابن القاسم في المدونة 1/ 356 "لا أحفظ فيه عن مالك شيئًا، ولا يكون عليه فيه شيء؛ لأنّه قد جاء عن بعض من مضى ذلك بعد رِيِّ فصيلها".
(¬14) النّقل موصول من الاستذكار: 12/ 262.

الصفحة 423