كتاب المسالك في شرح موطأ مالك (اسم الجزء: 4)

وكان مالك يقول: يُشْعَرُ من جانبه الأيسر، على ما رواه نافع عن ابن عمر؛ أنّه كان يُشْعر في الشّقِّ الأيسر (¬1).
وقال مجاهد: أشْعِرْ من أيِّ جهةٍ شئتَ.
وأمّا أبو حنيفة (¬2) فكان يُنْكر ذلك ويقول: إنّما كان ذلك قبل النَّهْي عن المُثْلَة (¬3).
وهذا حُكْمٌ لا دليل عليه إِلَّا التَّوهّم والظَّنُّ، ولا تُتْرَك السُّنَنُ بالظَّنِّ.
وأمّا نَحْرُهُ بمِنىً، فهو المنْحرُ عند جميع العلماء في الحجِّ.
فأمَّا تقديمُه النَحْرَ قبل الحَلْق، فهو أوْلَى عند جميع النَّاس.
وأمّا صَفُّ اليدين (¬4)، فمأخوذٌ من قول الله تعالى: {فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ} (¬5).
وأمّا أكله منها، فقائم من قوله: {فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ ...} الآية (¬6).
وأمّا قوله عند نحره: "بسم الله واللَّهُ أكبر" فقائم من قوله: {فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا} (¬7) فمن أهل العلّم من يستحبُّ التَّكبيرَ مع التسمية كما كان ابن عمر يفعل (¬8)، وذلك قوله تعالى (¬9): {لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ} (¬10)، ومنه ممّن كان يقول: التَّسمية تُجزىء ولا يزيدُ على اسم الله.
¬__________
(¬1) في الأصل: "الأيمن، والمثبت من الاستذكار، والحديث أخرجه مالك في الموطّأ (1112) رواية يحيى.
(¬2) انظر كتاب الأصل: 2/ 492، واختلاف أبي حنيفة وابن أبي ليلى: 136، والمختصر: 73، ومختصر اختلاف العلماء: 2/ 73، والمبسوط: 4/ 138.
(¬3) بيّض في الأصل مكان لفظ "المثلة" وهو مستدرك من الاستذكار.
(¬4) في الاستذكار: "صفّه لبدنه". يقول المؤلّف في أحكام القرآن: 3/ 1288 "فأما قوله: {صواف} فمن صفت م م م إذا كانت جملة، من قيام أو قعود أومشاة، بعضها إلى جانب بعض على الاستواء، ويكون معناها هاهنا: صُفّت قوائمها في حال نحرها، أو صفت أيديها، قاله مجاهد".
(¬5) الحج: 36، وانظر المدوّنة: 1/ 356 في كيف ينحر الهدي.
(¬6) الحج: 36.
(¬7) الحج: 36.
(¬8) فيما رواه عنه مالك في الموطّأ (1113) رواية يحيى.
(¬9) في الاستذكار: "وعساه أنّ يكون امتثل قول الله".
(¬10) الحج: 37.

الصفحة 426